يعقوب بن محمد بن غنيم الرحبي
لا شك ولا ريب أن من عوامل تخلف أمتنا هو فشل في المؤسسة الدينية، لذلك من حقنا الفكري أن نتساءل، كيف يتم إختيار الواعظ والمرشد والإمام أو الخطيب؟ ما هي الآلية التى يتم من شأنها إختيار هذا الشريحة المهمة في مجتمعاتنا؟ أم أنه لا توجد آلية مجرد وجود فئة فاشلة في التحصيل العلمي وذهبت الى هذا المجال؟ أم أن هناك ممن تتلمذ على يد بعض العلماء وأخذ بعملية النسخ واللصق دون أن يكون هناك مجال في التدبر والتفكر والإجتهاد والتوسع في الإطلاع على ثقافات الشعوب والأمم؟ كيف تم تأهيل هذه الفئة أو هذه الشريحة فكريًا ودينيًا وعلميًا؟ اليست فئة تستحق ذلك الأهتمام؟ وهي سلاح ذو حدين؟ لماذا الخطاب الديني أصبح عقيم ومن المعلوم بأن العقيم لا يلد؟ لماذا أصبح هناك جمودًا فكريًا وتخلف في الإبداع والإنتاج بين الشباب؟ لماذا أصبح من بين مجتمعاتنا من هو متشدد، ترك كل شيء لأنه في نظره ومفهوم ثقافته بأن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة؟ لماذا كل هذا الإنحراف والإنحطاط والتقهقر والتشدد؟ لماذا حرموا ما لم يحرمه الله من الجمال والفن المرتبط بالشعور والوجدان والمتصل بالعقل والفكر؟ في واقع الأمر إن الخطاب الديني لا يتعدى الموت والقبر، والجنة والنار، والغسل من الجنابة والحيض والنفاس، وهل نقاب المرأة واجب أو غير واجب؟ وهل قدمها عورة ام غير عورة؟ وهل إطالت الإزار يعتبر خيلاء أم غير خيلاء؟ هل سمعتم يومًا ما محاضرة عن النظافة أو العلم أو تشجيعًا للإبداع والإنتاج والإختراع والإكتشاف، أو حثًا على الصناعة أو الزراعة أو مشاريع الشباب؟ أو عن إحترام القانون والنظام؟ أو عن البحث العلمي؟ هل المحاضرة في هذه المجالات تعد حرامًا أومحضورًا؟ الا تشاطرونني الرأي بأن المحاضرات والندوات على المنابر مقصورة وإحتكارًا لأشخاص معلومين ومحدودين، وحرام على غيرهم من المثقفين والمفكرين؟ إذاً كيف ترتقي أمتنا وكيف ترتفع من الحضيض والنقيض الى درجات وسلم الرقي؟
من العوامل الأخرى التي ساعدت على تخلف أمتنا ، فشل في المؤسسة الإعلامية، ما هو الدور الذي يقوم به الإعلام بالنهوض بالشباب فكريًا وعلميًا؟ وهل قام برسالته على أكمل وجه في حماية الشباب من الغزو الفكري والانحراف السلوكي؟ هل الإعلام في وطننا العربي نزيه ولديه رسالة علمية وتاريخية وفكرية يقدمها إلينا؟ هل قام الإعلام بدور المثقف والمعلم والأب الراعي؟ أم مجرد تمجيد ورقص وغناء ودق الطبول والتغني بالماضي؟ هل الإعلام مسؤول مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة في بث الفتنة والطائفية والمذهبية والفرقة بين أفراد أمتنا؟ هذه هموم تؤرق مضاجعنا جميعًا، وكلنا هاجس الإرتقاء بهذه الأمة ونتألم على حالها المرير ومن وقوعها في براثن التخلف والإنحطاط، عندما كانت الشعوب والأمم ترتقي بشبابها فكريًا وإجتماعيًا وعلميًا، نحن كنا منغمسون في الإستماع إلى الخطاب الديني الذي للأسف لوث عقول شبابنا وجعل منهم طاقات معطلة، وكانت كثير من المحاضرات التى تغزونا محشية بالخرافات والافتراء وحتى عقيدتنا كادت أن تفسد بسببها، لأنها تعارض المنهج العلمي وترفض العقل والفكر، الحديث في هذا الشأن يطول وله شجون ولكن الحقيقة ظاهرة، فالنتيجة تخلف فكري واقتصادي واجتماعي وسياسي في أوطاننا وبين افراد أمتنا، إن لم تتدارك هذه المؤسسات الثلاثة ومعها البيت والمجتمع في الصلاح والإصلاح وإلا ستبقى أمتنا في الحضيض ولن يكون لنا شأن بين سائر الأمم.