الإعلام والسلطة
بقلم : حمدان بن سعيد العلوي
هناك أوجه تعاون ما بين الإعلام والسلطة حيث أنّ السلطة هي القوة أو القوى التي تهيمن على جماعة بشرية وتدير شؤونها بصرف النظر عن تعدد أشكال هذه السلطة وتنوع تصنيفاتها ومستوياتها أو اختلاف أيديولوجياتها ، بينما الإعلام هو تبادل المعلومات والأخبار والآراء داخل المجتمع الواحد .
والإعلام يحتاج إلى مهارة في مختلف تصنيفاته وفنونه وأقوى وسائل الإعلام هو الإعلام المرئي الذي يحتاج إلى محاور جيِّد وإعداد قوي وإذا ما تحدثنا عن فن الحوار .. نقول بأنه عبارة عن تبادل الكلام شفهياً بين شخصين أو أكثر، ويُعرَف أيضاً بـ”المحادثة”، أمّا فنّ الحوار فهو مهارة ضرورية لتخطّي العديد من الأمور التي تواجهنا في الحياة ؛ حيث يمكن من خلالها توسيع الدائرة الاجتماعية ، وتسهيل البدء بالأعمال المختلفة ، وفي إعلامنا الحاضر برز عدد من المحاورين الجيدين وصلوا للإحتراف ، والحوار الذي يقوم به الصحفي الجيِّد يكون مشوقاً للغاية ، حيث يثير مشاعر المتابع والقارئ حتى آخر كلمة ، ومن يتقن لغة الحوار عليه التحضير الجيد، “وعدم التحضير يعد تحضيرا للفشل” .
تابعت بشغف برنامج ذاكرة للأستاذ القدير محمد المرجبي وحواره الشيِّق الغني بالمعلومات مع الأستاذ الذي تعلمنا منه الكثير قبل أن يحال للتقاعد محمد الياس فقير ، والحديث كان عن المسرح ، وسرد العديد من نماذج الكفاح والتضحية ، البرنامج مشوق بإدارة حوار محترف ، ناهيك عن البرامج التي يقدمها بصوت هادئ وأسلوب راق متزن ، وفي المقابل نتابع بعض البرامج التي يقدمها البعض يكون الحوار مملا بصراخ المذيع ودخوله بمقاطعة حديث الضيف ويحرم المشاهد من معلومات مهمة كادت أن تطرح ، لذلك فمن الضروري أن تكون شديد التركيز عندما تقوم بحوار مع ضيفك ، وأن تكون عبارات الوجه دلالة على إهتمامك وكذلك نظرات العيون وحركة الرأس والإيماءات ، لترسل إشارة للطرف الآخر بأن يكمل حواره بأريحية ، فإدارة الحوار تحتاج إلى جهد كبير وصبر وتسلسل في طرح الأفكار ، وأن لا تكون على شكل (س ، ج)، والإبتعاد عن الأسئلة المغلقة ، وكما هو معروف بأن الإعلام هو السلطة الرابعة إلا أنه من وجهة نظري أصبح الآن السلطة الأولى ، ومن يمتلك الإعلام القوي يستطيع التأثير في الرأي العام ليس محلياً بل تعدى الحدود الجغرافية للدول ، وفي بعض الدول التي تمتلك محطات الإعلام القوية والمؤثرة ، إتخذت هذه الوسيلة وسخرتها لإحتلال العقول قبل الدول لتعمم رسالتها وسيطرتها على المجتمعات ، وقامت ببث الفتنة والرعب في العديد من الدول وهنا تكمن القوة العضمى ، وأتحدث هنا عن الإعلام بشكل عام من دراما وبرامج متنوعة كالأفلام السينمائية التي تحمل في طياتها رسائل وجرعات تغذي عقول المجتمعات ، وتزوير الحقائق والتاريخ ، وكذلك برامج وقنوات الأطفال ، حيث أصبحت تغذي أطفالنا بثقافات مختلفة ، والدور القادم لأي أمة إذا ما أرادت النهوض بمجتمعها عليها بتقوية إعلامها الذي يعتبر هو المحرك الأساسي للعقول ، ومثل ما أنجب إعلامنا شخصيات إعلامية بارزة من مقدمين ومخرجين وغيرهم ممن أبدعوا في إستخدام التقنية المتطورة ، فنحن نواجه حربا شرسة من دول سبقتنا وتقدمتنا في ذلك لا نقلل من شأن أحد ولكن علينا النهوض وعمل الدراسات والإستعانة بالخبرات ، من أجل صناعة المحتوى الإعلامي ومواكبة التطور السريع ، لمواجهة وسائل الإعلام الكبرى ورسم سياسة إعلامية طويلة المدى لتحقيق الأهداف ، سواء كان إعلام ( تنموي – إقتصادي – رياضي – سياسي – ثقافي ) وتعريف العالم بإمكانياتنا ومقوماتنا ، وإبراز الإرث الحضاري والتاريخ المشرف لنا ، فإذا ما أردنا التقدم علينا الوصول للعالم كما وصل العالم إلينا وتعرفنا على ثقافتهم حتى في الجانب السياحي نرى بعض الدول تسعى لإستقطاب السياح بمقومات قد تكون مقوماتنا أفضل منهم بفضل وسائل الإعلام المحترفة .. فأهداف الإعلام أصبحت سياسية تخدم الدول بتأثيرها السحري تفوق على السلاح وقوة الجيوش .