كتب-سيف بن عبدالله المعولي
بلدة الشبيـــكة بولاية الرستاق التـــابعة لمحــافظة جنوب الباطنة، يقدر عدد سكانها حوالي 950 نسمة حســـب إحصـــــاء عام 2010 م. تقدر مســــاحتها حوالي 5 كم2.
وكما امتدحها شيخ البيان ابن شيخان بقوله:
إن الشبيـكـة بـلـدة
فاقت بمنظرها الوسيـم
حَازت عُلاً بين القُـرى
بجوار ذا الحصن العظيم
فإذا نظـرتَ ريَاضهـا
أبصرتَ جنات النعيـم
تحتضنها الجبــــال من جهة الشرق والأراضي الزراعية من جهة الغـــــــرب. فيها من الموجودات الحيوية القديمة ما يزيدها جمالاً، وأهمها فلج الشبيكة المعروف باسم العفريت. يبلغ ارتفاع جبل الشبيكة حوالي 450 مترا، ومساحته حوالي 4 كم2.
فلج الشبيـــكة هو من أهم الموجودات الحيوية القديمة الذي كان ومـازال يغذي جميع الأراضي الزراعية في بلده الشبيـــكة. كان في ولاية الرستاق أغلب الأفــلاج تجف مـا عدا فلج الشبيـــكة وعين الكسفة وبعض الأفلاج .
فلج الشبيــكة هو فلج داودي، ولقب بالعفريت، وقد سمي بهذا الاسم لسببين أساسيين بحسب ما يحكيه لنا بعض من كبار السن، أولهما: قيل أنه في يوم من الأيـــام سقطت فرضتين مما أدى إلى انقطــاع الفلج نهائيًا عن البلـد لما يقارب الشهرين.
احتار الأهـالي في كيفية التخلص من هذه المشكلة بسبب قلة المعدات والوسـائل؛ ونتيجةً لذلك فقد جفت المزارع تقريبًا. وفي يوم من الأيام، خرج أحد كبــار القرية إلى المسجد، فوجد الفلج قد عــاد إلى ما كان عليه بعد انقطاعه حوالي شهرين، ومن ذلك اليوم لقب بالعفريت أو بو فرضتين.
أما السبب الثاني: فقد عُرف فلج الشبيكة بقوته وثباته، عندما تجف معظم الأفلاج يبقى العفريت صامدًا.
يبدأ الفلــج من المنبــع أو أم الفلج وسمي بهذا الاسم لأن أول فرضـة تكون في الفلج عمقها 20 مترا -تقدر حوالي 12 قــــامة-. كلمـــا اقترب الفلـج من الأراضي الزراعية، كلمــا زادت العيون سواء كانت من جوانب الفلج أو من الأرضية –قــاع الفلــج-.
يوجد على طول مجرى الفلج فتحات أو الفرض يتم النزول عن طريق هذه الفتحات لصيانة الفلج أو إزالــة الأتربة والمخلفــات من على مجــرى الفلج.
يبلغ طول الفلج من أم الفلج إلى آخر مزرعة يسقيها حوالي 3.5 كم، ويوزع الفلج بين المستـحقين عن طريق اللمد، وهو ساعة شمسية قديمة والمحيضري هو الذي يقوم بعملية توزيع آثار الماء والحصص بين المستفيدين من الفلج.
يواجه سكان القرية صعوبـات كثيرة في صيانة الفلج، منها: وجود أماكن ضيقة في الفلج وأمــاكن يكون فيها السقف منخفــضًا، مما يضـطر الشخص إلى الانخفاض داخل الفلــج، بالإضــافة إلى ذلك الحــرارة الموجودة في الأسفــل مما يعيق العمــل.
ومن التحديــات أيضًـا عدم وجود الإضاءة الكافية للرؤية، حيث إنهم كانوا يستعملون سراج بو سحة وقنديل بو فتيلة، وكـــانت مخلفــاته مضـرة للصحة؛ حيث كانت تضاء بسائل الكيروسين الضار، أما حديثًا فيستخدم السكان المصابيح.
يغذي الفلــج أراضٍ زراعية كثيـرة، منها: عدن، الداير، أرض الصاروج، الأرض البيضــاء، السيبة، قرقــاحوه، وصوار الزامة، وجلبة الوادي، العاضـــدين، جلبة القبر، الخرصــان، أرض السُمرة، ويصل حتى للمزرعة القريبة من الحزم.
وقد اشتهرت بلدة الشبيــكة بأشجـار الليمون والمانجو والزيتون والقمح والنخيــــل، وكانت تصدر جميع المنتجــات داخليًا إلى المنــاطق المجاورة، بالإضافة الى ذلك، تصدير الليمون الجاف إلى العراق، والبسور وهو التمر المطبوخ إلى الهند.
ويبقى العفريت شاهدا على حضارة أمة قد بنت وأسست كيانات زراعية وقد ورثته للأجيال التي لا زالت تنعم بخيراته وتعتمد عليه في سقي المزارع والبساتين.
