تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

مقال: الغربة ،،،

ثرياء الحراصية

يختلف مفهوم الغربة أو الاغتراب بحسب نظرتنا المتباينة لها ، فالغربة قد تكون غربة الإنسان عن وطنه أو عن مجتمعه أو عن أهله أو حتى غربته عن نفسه وهي الأشد وطأة .
أنا هنا بصدد الحديث عن غربة الإنسان عن وطنه.
فالغربة هي الابتعاد عن الوطن لأي موطن آخر في أي بقعة من بقاع الأرض بدون قياس لمدة زمنية محددة مهما تعددت الأسباب أو اختلفت المسببات ففي النهاية هنالك إنسان يستظل بسماء غير سماء وطنه وتحتضن خطواته أرض غير أرضه.
هنالك من يكون سعيداً بغربته لاعتقاده بأنه يستطيع التخلص من القيود التي كانت تقنن من حريته الشخصية بداعي العادات والتقاليد التي كان يجب عليه التظاهر بالتمسك بها أمام مجتمعه وبعد أن يصبح بعيداً عن ذلك المجتمع يبدأ بممارسة ما يحلو له من ممارسات هو يعتبرها حرية شخصية كان محروماً منها في مجتمعه لأنها لا تتماشى مع الأعراف الدارجة في ذلك المجتمع وللأسف في النهاية قد ينغمس في ممارساته لدرجة أنه قد ينسى سبب غربته وسبب وجوده تحت ظل سماء غير سماء وطنه فيفقد هويته وبتالي قد يفقد روحه .
وهنالك من يتقبل غربته على مضض ولا يتقبل وجوده في مكان آخر غير وطنه يتأفف من كل الأمور التي تحصل من حوله بل وأحياناً لا يتقبلها ولا يستطيع التعايش معها فتضمحل روحه ويتساوى معه الليل والنهار ولا يكون هنالك أهمية لأي شيء سوى التنفس ومرور الوقت والانتهاء مما جاء للقيام به والعودة سريعاً إلى حيث ينتمي بلا تواني أو تضيع لأي وقت في أمور هو يراها من وجهة نظره بأنها مضيعة للوقت فيحرم نفسه من أمور وممارسات قد تعيد الحياة إلى حياته المتبلدة ولكنه يكابر ويدعي بأنه في أفضل الأحوال فقط ليقاوم غربته ويستطيع الاستمرار في التقاط أنفاسه.
وهنالك من يفهم الغربة فهماً دقيقاً بل ويتصادق معها ويجعلها داعماً له في جميع مقومات حياته يجد ويجتهد ليحقق طموحاته ولا ينسى التنفيس عن روحه كي تجد السلام في غربتها وتتعايش بود مع ما حولها بدون أن تفقد هويتها أو انتمائها أو أن ينتهك أعرافه ومبادئه التي تربى عليها منذ صغره في وطنه الحبيب الذي ينتمي إليه والغربة كانت وقتاً مستقطعاً له ليزداد قوة وعنفواناً وحياةً يملؤها الود عندما يعود إلى موطنه أخيراً بعد غربته التي حاول جاهداً أن يكون بها إنساناً بمعنى الكلمة.
فمهما كانت الظروف التي يمر بها الإنسان يجب عليه أن لا يهمل إنسانيته يعيشها ويتعايش مع من حوله بإنسانية بحته بعيدة كل البعد عن التطرف مهما تعددت أسبابه أو تمهدت الطرق له.
الغربة تجربة مثيرة تختلف قوة إثارتها بإختلاف الأشخاص الذين يعيشونها
فهنالك من يأخذ سيئاتها ويرمي بحسانتها عرض الحائط ومنهم من يعيشها تحصيل حاصل وإضطراراً لا مفر له منها وهنالك أؤلئك الذين تفتخر بهم أوطانهم عندما يعودون رافعي الرأس لتحقيق إنجازتهم بطريقة مذهلة تتمنى الغربة عودتهم إليها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights