عن الرواية: رواية 5/6 #عماني_في_جيش_موسوليني
أحمد الحراصي
عن الرواية: رواية
#عماني_في_جيش_موسوليني
#ماجد_شيخان
5/6
استمر خلف يخدم العم عثمان وابنته حسينة يبيع الخبز الذي تخبزه حسينة ليأتي لهم بالرزق ربما هي إحدى الثماني حجج التي أصدرها شعيب لموسى عليه السلام واحدة منها أن يدفع ثمن موت ابنه في خدمته ولا أعتقد أنه كان مجبرا على ذلك ولكن شيم الرجل العماني لازالت تجري في دم خلف حيث أنها أيضا ثمن إنقاذ حياته كذلك.. تذكرني هذه القصة بتلك فالأمر أراه سيان..
استمر خلف يخدمهم وكأنه الابن البار لوالده واخته ولا أنسى أن خلف أنقذ بعدها الألماني اللآجئ بصفته إيطالي لكن لكنته توحي أنه ألماني وهو يطلب الماء من خلف الباب واللجوء.. فتحت حسينة الباب له وخلف مترصدا عند عتبة الباب يأمره بتسليم نفسه ورفع يديه.. تم ربطه وتقييده وأعطي ما أراد من ماء وطعام وهو ينظر يمنه ويسراه فتبين له أن الذي يمسكه إيطالي نظير عدته التي كانت مرفوعة.. أنا لست إيطاليا وأنت لست كذلك.. خلف بذكائه كان يعرف يفرق ما بين إيطالي وألماني حتى وإن تكلمت باللغة التي يفهمها.
أظن أنني سأسألك سؤالا وأريد جوابا ما الذي أتى بك إلى هنا… أخبره كامل تفاصيل القصة التي حدثت حيث أمرهم القائد بقصف مواقع البريطانيين لإخراج السجناء الأمر الذي رآه (ادولف يوس) صعبا حيث أن الطائرات تحتاج إلى وقود قبل وصولها وساعة رجوعها لا تقلق سيأتيكم الدعم.. الأمر أشبه بالانتحار لكن لا محالة إنها أوامر ويجب تنفيذها… لم نستطع أن نفعل ما طلبه القائد ولم تأتي أي قوة تدعمنا قبل وصولنا وقد نجيت بنفسي كما ترى وأنا هنا أطلب اللجوء… لا أظنك تستطيع أن تخرج الآن وإن خرجت لن تخرج حيا فالجنود البريطانيين قد أحاطوا بالقرية ولكن يمكنك أن تذهب إلى أن تهدأ الأوضاع..
بعد أيام ذهب خلف وأنقذ الألماني ادولف مودعا خلفه العم عثمان وحسينة إلى قرية الشليم حيث ابنه والنوخذة محمد.. لم يطل على ذلك كثيرا إلا وخلف يتزوج الزوجة الثانية مريم طلبا من عمه النوخذة تزوجها خلف وأنجب منها ابنتين رقية وسعيدة.
اشتغل خلف في التجارة مع عمه النوخذة محمد في ذلك الوقت ولكن كانت التجارة ضعيفة ولم يكن بيدهم إلا أن يتشاركوا مع التاجر ناصر سليمان الأمر الذي قبله الآخر أن يكونوا شركاء في التجارة والاستثمار.
أيام مرت وولت توفي فيها النوخذة محمد وفسخ عقد التجارة مع ناصر سليمان بالتراضي بينه وبين خلف.. هنا أدرك خلف أن البقاء لا يعني شيئا في الصومال علينا العودة إلى الغيل.. الغيل مجددا يا خلف لم تنساها ولما ينسى القرية التي تربى فيها واعتز بها ما بين قادم وراحل.. جبالها وأوديتها والحياة التي يعيشها أهل الجبال لا تفارقه لابد من العودة يا مريم لا أعتقد انني سأذهب معك يمكنك أن تذهب وتعود.. لا إنها ذهاب ولا عودة إلى هنا سأرحل ولن أعود كيف تتوقع مني إذا أن أترك اهلي وألحق بك فإن كان كذلك إذا عليك أن تتركني وابنتي هاتين هنا وتذهب إلى حيث أردت هكذا إذا حسنا… طلقها خلف تاركا ابنتيه خلفه وذاهبا إلى القرية التي اشتاق إليها وقبل أن يذهب يا أحمد علينا أن نذهب للتبضع لأهل القرية من ميناء بربره وثم سنرحل وبينما هم يصلون أرادوا أن يشربوا مشيرا إليهم أحدهم بالذهاب هناك حيث فتاة تبيع ماءً ومن هي الفتاة سوى حسينة.. الفتاة التي رأت خلف وأحبته .. ماذا تفعلين هنا إنني أبيع الماء كما ترى وأين أباك لقد توفي يا خلف بعد رحيلك بأيام وأنت إلى أين تذهب إني راجع للقرية يا حسينة الغيل ولن أعود ومعي ابني أحمد هذا هو من زوجتي إيمان وتزوجت للمرة الثانية ولكنني طلقتها للتو مخلفا وراءها ابنتي.. إنها ليست كإيمان كما يعتقدها خلف.. إيمان التي رحلت إلى حيث يرحل خلف وماتت ونفسها أن ترجع إلى صور بلدها ولكن ليس قبل خلف فأي الفريقين أحق بالصحبة ؟؟ وهل ستتزوج مجددا.. إن كان كذلك فهي انتي يا حسينه هل تقبلين بذلك ولما لا تقبل فتاة بقيت وحدها والحرب كالطير فوقها والأشرار البريطانيون يحومون كما تحوم الصقور على الفريسة.. إذا عليك أن تذهبي معنا الآن وسنتزوج لدى وصولنا للقرية وها أنا أراك قد أكملت ثماني حجج يا خلف بزواجك من حسينة.
التاريخ كله قد يختصر في رسالة أو ذاكرة هذه العبارة سرها سر ما وجد فيها ماجد من البحث والكشف عن مجهول الهوية الذي من الممكن أن يجد فيها نهاية روايته.. البحث عن السيد ألبرتينو كان جل ما أراده لكن هذا لا يمكن أن يكون إلا بمساعدة الدكتور ياسر دينار الذي سبق له ودرس في إيطاليا ويعمل محاضرا في جامعة السلطان قابوس الجامعة التي يدرس فيها ماجد … البحث عن رجل قد ناهز المائة عام في إيطاليا كالبحث عن إبرة في كومة قش.. مروان زميل ماجد في الجامعة كان يسخر لربما شخصا ناهز المائة عاما هل من الممكن أن يكون حيا وأن كان حيا هل من المعقول أن تكون ذاكرته حية ألن يكن مصابا بالزهايمر؟؟ وما يدريك لربما لقي حتفه قبل خروجه من الصومال؟ أنا أثق ما يقوله خلف شخصا مثل ألبرتينو سيجد طريقا يشق به إلى العودة.. تكهنات خلف أصبحت حقيقية فها هو ألبرتينو يرد برسالة واضحة شاكرا له اهتمامه والبحث عنه.. نودا على أعتاب فراش الموت لكن صورة خلف أفرحتها كثيراً ولا بأس أن تكون كجرعة المورفين أزاحت ألمها ولو قليلا وأرى أن جل محتوى رسالته كانت شبيهة بتلك التي أرسلها والده إلى النوخذة محمد فاللقاء لا يكون إلا في مطرح… مطرح حيث عبق التاريخ ونقطة اللقاء القديم ليتجدد عهد لقاء جديد تذكرني باللقاء الأول بين خلف الشاب والعجوز ارنالدو وهنا بين ماجد الشاب والعجوز البرتينو إنها ذكريات ويا لها من ذكريات سكنت في القلوب وارتسمت وها هي اليوم يستعيدها البرتينو مجددا ذلك الطفل ابن الثماني سنوات هو اليوم يأتي وقد تعدى المائة عام إن لم يكن بالمائة فهو أقربها من التسعين.
ما يشغل ماجد هو تكملة روايته التي بقيت ناقصة عندما وجه له سؤالا أخبرني كيف استطعت الخروج يا سيد ألبرتينو استدرج السيد العجوز قائلا الهروب كان حلا لنا وإلا كنا سنكون جثث قصفتها الجبهات البريطانية للتو..
كانت معي نودا وجندي يصحبنا في نزهة بالقرب من العسكر.. هربنا بعدما عرفنا أن الرجوع هو أشبه بأن تلقي نفسك في الهلاك.. خريطة بيد الجندي هي وسيلتنا للخلاص واتباع المواقع التي قررنا المرور خلالها رغم المخاطر كون هذه المواقع تحت سلطة القيادة البريطانية إلا أن المجازفة لإنقاذ روحك قد يكون حلا مقبولا.. مررنا نحو قناة السويس انقلتنا بعدها باخرة ألمانية إلى روما حيث موطننا.