2024
Adsense
مقالات صحفية

عُمان نهضه متجددة

 

الكاتب والقاص العماني :

يعقوب بن محمد بن غنيم الرحبي

مما لاشك فيه بأن الأمم والشعوب لا تقاس بما لديها من ثروات طبيعية بقدر ما لديها من ثروات بشرية تنطلق بإرادة قوية ،  وإرث حضاري وتاريخي ضارب في الجذور قدم التاريخ  ، فالإنسان هو صانع الحضارات , والحضارة التى تنشدها الأمم ليست مباني شامخة أو سيارات فاخرة أو اقتناء مما يصنعه الغير، إنما هذه مدنية تشترى بالمال  ، الحضارة لا تشترى بالمال لأنها فكر راقي واشعاع علم، وضياء ديني ينير الأرض ومن حولها ويغير عقول البشر وعقائدهم  إلى الأرقى والأفضل ، الحضارة ثورة صناعية ونهضة علمية ، ويخطئ من كان يعتقد بأن عام 1970 هو ميلاد عمان وسيتوقف هذا الميلاد ،  فعمان كل يوم لها ميلاد جديد ، فسأل مالك بن فهم كيف استطاع العمانيون طرد الفرس من بلادهم حتى تكون لهم دوله مستقلة ؟ ، ثم سأل عبد وجيفر كيف أسلم أهل عمان ليقيموا صرح العدل ؟، و سأل الإمام ناصر بن مرشد اليعربي والإمام سلطان بن سيف الأول كيف تمكن العمانيون من طرد البرتغاليين  من عمان والخليج وشرق إفريقيا ليحيوا ويعيشوا على أرضهم إحرارا  كراما ؟، ثم انظر كيف استطاع الإمام أحمد بن سعيد من تأسيس دولته والسيد سعيد بن سلطان ليقيم امبراطوريتة ؟اسأل أئمة عمان وعلماؤها كيف أقاموا العدل وأسسوا حراكا ثقافيا تبعه فكرا أدبيا راسخا ؟، هذه هي عمان عبر التاريخ وهذا هو الإنسان العماني .

أما عام 1970 هو ميلاد نهضة عادة لعمان مكانتها المفقودة وأخرجتها من حقبة دامسة الظلام إلى نقطة تحول لم تكن يسيرة  فبنت صرحا حضارايا شامخا. حتى جاء عام 2020م الذي يعد بإذن الله نهضة متجددة و رؤية حكيمة ترسم معالم المستقبل الجديد لوجه عمان المشرق ، فلا ينبغي منا أن نبقى نصيد في الماء العكر ونجعل من بعض  اخفاقات الماضي أو تراكماته  ،  شماعة لنعلق عليها مبرراتنا بعدم استطاعتنا في السير إلى الأمام أو نجعل من نزول أسعار النفط أو جائحة كرونا سببا آخر لموتنا سريريا ، إنما يجب علينا أن نأخذ عقاقير التحصين الفكري والاقتصادي لنواكب دول العالم المتقدم وهذا بلاشك ليس بيسير مصحوبا  بتحديات، لكن عمان شعبا وحكومة ثبت بأنها قادرة للصمود والصعود  وهذا  سيحمينا من الوقوع في براثين الجهل والتخلف أو في النظر إلى أنفسنا بأننا لازلنا ذلك الشاب المراهق الذي كان شغله الشاغل الرقص والغناء وضرب الدفوف وقرع الطبول ثم التصفيق والتشجيع ،  أو ذلك الولد المدلل الذي ما أن فتح عيناه حتى رأى بين يديه طبق من ذهب دون جهد أو عناء ، بينما باقي الشعوب تعمل بجد واجتهاد  لتضع الرؤى والخطوط العريضة لبناء حضارتها فتكتشف وتخترع وتصنع وتنتج.

عمان ابنهضة المتجددة  بحاجة إلى شبابها أكثر من أي وقت مضى فحب الوطن ليس عبر مظاهر براقة او إعلانات مزيفة أو كلمات رنانة ،أو شخصيات متربعة ليس همها إلا الكسب ،   إنما حب الوطن يتجسد في تفعيل هذا  الحب على أرض الواقع في كل جزئية من جزئيات حياتنا وفي كل موقع من مواقع العمل على تراب عمان الطاهر.

عمان النهضة المتجددة تفتح أبواب منابر الفكر والعطاء المتجدد فقد قالها عمر الفارق رضي الله عنه  ( لاخير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نقبلها ) حتى  قال رسول كسرى الذي جاء إلى المدينة لمقابلة الخليفة عمر بن خطاب  فسأل عن قصره المنيف أو حصنه المنيع فدلوه على بيته فرأى ما هو أدنى من بيوت الفقراء ، ووجده نائما في ملابس بسيطة تحت ظل شجرة فقال قولته الشهيرة : (حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر ) ، هذا هو العدل الذي تنشده الشعوب .

عمان النهضه المتجددة لا مكان لذلك الشاب المراهق أو الولد المدلل ، لا مكانه للمتكاسل أو المتحايل ولا للنطيحة والمتردية ، لا مكان لتلك الطاقات المعطلة الغير منتجة المتربعة على المناصب ، أو لتلك الفئة التى تتحايل على القانون لتبحث لها عن ثغرة لتعبث بمقدرات الوطن لا للمحسوبية أو المحاباة أو الوساطة .

عمان نهضة متجددة تعني الاهتمام بمورادها البشرية من خلال تأهيل الشباب فكريا وثقافيا وعمليا ودعم مشاريعهم  ، والاستغلال الأمثل لمواردها الطبيعية وهي انبثاق ثورة زراعية وصناعية وانفجارات نووية سلمية ،  وإقامة دولة العدل والمساواة بين أفراد المجتمع تحت مظلة القانون وحماية ثروة البلد والمال العام من عبث العابثين  .

عمان نهضة متجددة تعني الإشراف على الأداء الحكومي وإعادة النظر في المناقصات والاتفاقيات المحلية والدولية وإصلاح المنظومة التعليمية.

عمان نهضة متجددة عملت على فتح المطارات والموانئ للاستيراد والتصدير المباشر وجلب الاستثمارات وتفعيل المناطق الصناعية وتنشيط السياحة الداخلية و تذليل الإجراءات والعقبات التى تواجه المواطن ، والغاء المركزية وتوحيد الصلاحيات .

عمان النهضة المتجددة ثبتت للعالم بأنها قوية حين وقفت صامدة أمام الرياح الشديدة التى اجتاحت جميع دول  العالم رغم كل هذه التحديات التى لم يسبق لها مثيل في تاريخ الأمم والشعوب ، إلا أن عمان بقيت قلعة شامخة رغم امكانياتها والتحديات التى تواجهها ،  فالمواطن والمقيم على هذه الأرض لم يتغير نمط حياته المعيشية ، هذا بفضل الله أولا وقبل كل شيء ، لأن عمان أرض مباركة ، ثم يعود الفضل إلى  حكمة القيادة الرشيدة بقيادة سلطانها المجدد الذي لم يهدأ له بال حتى أصدر توجيهاته السديدة بتشكيل لجنة عليا لمتابعة الوضع الذي سببته جائحة ( كوفيد 19) وأوامره وتوجيهاته إلى البنك المركزي وباقي البنوك العامله بالسلطنة وما تبعتها من خطوات أخرى واجراءات وقائية للتخفيف من الآثار الاقتصادية على هذا البلد وهذه الخطوات لاشك أتت ثمراها .

فبقى الدور على المواطن لينطلق مع عمان نهضة متجددة . ويجعل من الماضي نقطة انطلاق نحو مستقبل زاهر .

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights