2024
Adsense
مقالات صحفية

ما علاقتك بنفسك!!؟

 

بقلم :. علي بن مبارك اليعربي
الاخصائي الاجتماعي بمدرسة مازن بن غضوبة بولاية سمائل

قد تستغرب السؤال، فظاهره مستهجن لا يعي الإجابة عليه إلا من يدرك حجم تلك العلاقة وكيف تكون؟ نعم عزيزي فأنت إنسان بمكونات ثلاثة: (روح ،ونفس، وجسد) حيث إن المكون الرئيسي في حياتك هو الروح، والذي من خلاله أصبحت كباقي الكائنات الحية من خلالها تعمل خلايا الجسد وبدونه سيكون حالنا جمادا؛ فمكون الروح مبهم لدينا ولا يعلمه إلا خالق السماوات والأرض مصداقا لقوله تعالى في محكم التنزيل {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (الإسراء) فهو مكون غيبي يعرف عنه فقط أنه إذا انفصل عن الجسد فارق أي منا الحياة ؛فالروح هي من تزود الجسد بالطاقة وتحرك كافة أعضائه المحسوسة والملموسة.
والمكون الثاني هو النفس، وما أدراك ما النفس؟! فهي من يحدد لك من أنت؟ وأين أنت؟ وكيف أنت؟ ما موقعك في الحياة؟ لذلك فهو مكون هام وأساسي في الإنسان حيث إنها المحاسبة الوحيدة عن كل ما يصدر عنه من سلوك، والمكلفة باستمرار والمخاطبة بشكل دائم من الله عز وجل في محكم التنزيل بقوله سبحانه: – {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} وحتى نحن البشر لو تأملنا مخاطبتنا لبعضنا لوجدنا أننا ننطلق من تلك النفس فعندما ننصح أحدنا بالمحافظة على ذاته نقول: خذ بالك من نفسك أو انتبه لنفسك. ننصحه: اتق الله في نفسك، حاسب على نفسك، كلمات لم نخاطب بها الجسد لأنها هي الذات وهي محور تعامل الفرد مع الآخرين، وما الجسد إلا مكون ترتديه النفس ليكون وسيطا بينها وبين عالمنا المادي من خلال حواسنا الخمس. وما معرفتك بالعلاقة التي بينك وبين نفسك إلا لتتمكن من بناء علاقة بينك وبين جميع الكائنات الحية، فالحكيم فينا هو من أن يوائم بين نفسه ومحيطه ويوازن بين العقل والعاطفة من أجل البقاء. كما أن الحكيم في معاجم اللغة العربية هو الشخص الذي يتصف بالروية والرأي السديد في القول والفعل فلا يقول إلا صواباً ولا يفعل إلا ما هو صحيح ومعقول بعيداً عن قرارات العاطفة. وأما علماء النفس فلديهم تفسير للحكيم وهو من يمتلك المعرفة ويدرك كيف يطبقها في سياقها الصحيح ويتحمل الغموض المصاغ به تلك المعرفة وعدم التعصب وأن يعتبر تفسيره للمعرفة صوابا لحين اكتشاف تفسير أفضل منه. وأنا أقول لك: كن حكيما واكتشف علاقتك مع نفسك وعامل الناس بما تحب أن تعامل وعاملهم بعقلهم لا بعقلك.
لذلك سألتك عن علاقتك بنفسك لأنه إذا طابت تلك العلاقة طابت حياتك واستمر الوئام والانسجام بينك وبين الآخرين وتمكنت من تحقيق كل ما تصبو إليه وسلمت روحك وبدنك من كل مكروه، واستطعت من خلالها تحديد كيان خاص بك، وعرفت من تكون، وأصبحت يشار لك بالبنان، وتمكنت من معرفة معنى وجودك في الحياة ومكانتك بين من حولك وأهميتك بالنسبة لهم أي أصبحت قيمة مضافة بينهم لا يمكن الاستغناء عنك أو التفريط فيك مهما ساءت الظروف بهم.
وأما إن ساءت علاقتك بنفسك فقد فقدت التوافق النفسي والاجتماعي والمادي وتأثرت مخططاتك للمستقبل ولربما فشلت تماما في الوصول إلى ما تسعى إليه، وسيكون لا معنى لوجودك، وسيبدو الأمر لك صعبا في تحديد الإجابة على كل تلك التساؤلات وفقدت بذلك دنياك وآخرتك.
فلذلك عزيزي لكي توطد العلاقة بينك وبين نفسك كن الصديق الصدوق لها وحاسبها وانتقدها واشدد واقس عليها في مواضع القسوة وارحم وتلطف بها في مواضع الرحمة والشفقة، فذلك العنصر الوحيد في هذه الحياة الذي لا يرفضك ولا يبتعد من مجرد نقده بل يزداد قربا منك وتعلقا وتوافقا بين مكوناتك الثلاثة. لهذا أقول لك انقد ذاتك في مختلف جوانبها سواء تلك المتعلقة بالمظهر البدني أو السمات الفكرية أو السلوك الشخصي أو حتى الأفكار الداخلية والعواطف، ولا تكترث فإن في ذلك منجاة لك في الدارين حين لا ينفع اللوم مصداقا لقوله تعالى (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) غافر: 17

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights