2024
Adsense
مقالات صحفية

نجتمع على بصيرة

أحمد بن سالم الفلاحي
shialoom@gmail.com

تأسرني في كثير من الأحيان مجموعة التفاعلات التي تطرحها وسائل التواصل الاجتماعي – واتابعها باهتمام كلما وجدت الفرصة مواتية لذلك – وهي التفاعلات التي تثار حول قضايا بعينها يطرحها البعض، إما لأنها فارضة نفسها على الواقع، وإما أنها متبنيها أفراد يرون ضرورة طرحها على الجمهور العام، وأجد في هذه التفاعلات الكثير من الاهتمام الصادق من قبل المتحاورين، وإن كانت بعض الآراء تذهب بعيدا عن محور القضية المثارة للحوار والنقاش، وهذه الصورة في شموليتها، وعموميتها تعكس حالة من الإجماع على هذه القضية أو تلك؛ اجماعا سلبيا، أو إجماعا إيجابيا، أو حالة وسط بين الطرفين؛ وهو ما يسمى اصطلاحا بـ “الرأي العام” وهو الرأي الذي يعول عليه كثيرا في تبني الأفكار، وفي الوقوف على وجهات النظر التي يطرحها هذا الرأي حول مختلف القضايا في المجتمع صغيرها وكبيرها، وفي كثير من التجارب التنموية التي نسمع عنها يعول كثيرا على أهمية “الرأي العام” وضرورة معرفة موقفه من قضايا معينة.
يأتي هذا التفاعل، كما أقيّم، في ظل وعي متنامي لدى أبناء المجتمع في السلطنة، وهو ما أعني هنا، إلى حد بعيد وقدرته على الأخذ والرد، وقدرته كذلك على تكوين رأي شخصي يدافع به ويتخذه متكأ لموقفه الذي يؤمن به في ذات القضية؛ وهو ما يمكن القياس على جديته من عدمها؛ في مختلف القضايا التي يطرحها الأفراد المتبنيون للقضايا، في مختلف شؤون الحياة.
يلزمنا الأمر هنا أكثر؛ حول طرح السؤال التالي: وهو لماذا لا تتبنى المؤسسات الخدمية طرح الموضوعات ذات العلاقة بالجمهور على الرأي العام، خاصة تلك الموضوعات التي تتطلب زيادات في الرسوم المادية حول الخدمات، أو تلك الأفكار التي تنوي بعض الجهات تنفيذها على أرض الواقع، وهي الأفكار المتعلقة بخدمة المجتمع، وذلك للوقوف على وجهة نظر هذا الجمهور العريض، بدلا من أن يصطدم هذا الجمهور العريض بالحدث عند مباشرته فقط، مما يحدث الكثير من اللغط، والأخذ والرد على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة في حالة عدم طرح ذلك على مجلس الشورى، وهو الجهة الناطقة باسم الشعب، والمعبرة عن آرائه وطموحاته، مع أستثناءات قليلة جدا؛ ربما؛ لمؤسسات تأخذ بهذا التوجه.
يمكن في خضم التفاعل الذي يكون، بعد طرح الموضوع للنقاش؛ استخلاص النتائج، والوقوف على رؤية واضحة فيما يذهب إليه هذا الجمهور العريض من رأي، شبه متفق عليه، واعتماده كمنهج، أو برنامج تنفذه بعد ذلك الجهة المعنية بالخدمة، لأن الذي يحصل في مثل هذه المناقشات، أن كثيرا من أبناء المؤسسة ذاتها لا يستطيعون التعبير عن آرائهم في حضرة المسؤول، فيذهبون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم في ذات الموضوع، ومن ثم يأخذ الموضوع مساحته الكبيرة من النقاش، والأخذ والرد، دون أن تكون له نتائج إيجابية على الواقع الحقيقي لذات المؤسسة في مرحلة عملها القادمة، ذلك لأنها لا تتبنى ذات الفكرة من الأصل، وبالتالي تفوت على نفسها محصلة كبيرة من الآراء ووجهات النظر التي يطرحها الجمهور العام، صحيح أن كثيرا من الجهات المعنية اليوم لديها حسابات الكترونية في وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنني أتصور أن مستوى التفاعل بينها وبين الجمهور قليلا جدا – وربما يكاد يكون جمهورا خاصا ونوعيا إلى حد ما – قياسا بالجمهور العريض ذي الحسابات الشخصية، فكل فرد، تقريبا، اليوم، وخاصة من فئة الطلاب والخريجين لديهم حسابات خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأرى فيها أنها ظاهرة مهمة جديرة بالاهتمام والمتابعة، وليس في ذلك من ضرر، الخسارة هنا؛ فقط، في عدم استغلال هذا التجمع على طاولة للحوار بينه وبين الجهات المعنية بتقديم الخدمات، ومن ذلك تأتي القرارات المباشرة إلى هذا الجمهور دون أن يستشار فيما يجب أن يقوم به، أو أن يلزم به تجاه خدمة ما، من الخدمات المقدمة إليه، وعندها يحدث الأخذ والرد؛ ومحصلته لا يستفاد منها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights