2024
Adsense
مقالات صحفية

نفع من ضرر

 

بقلم / علي بن مبارك اليعربي
الاخصائي الاجتماعي بمدرسة مازن بن غضوبة بولاية سمائل

منذ تعليق الدراسة وإغلاق المدارس وكافة المؤسسات التعليمية من جراء جائحة كورونا انتقلت المسؤولية التربوية والتعليمية كاملة من المؤسسة التعليمية النظامية ممثلة بالهيئة الإدارية والتدريسية إلى عاتق الإدارة الوالدية في الأسرة على وجه الخصوص والمجتمع بوجه عام، وأصبح هاجس الاستفادة من المنصات التعليمية وآلية توجيه الأبناء لأهمية متابعتها لتجاوز صفوفهم الدراسية في عامهم هذا، أصبح هما يراود الجميع ، واستنفر المجتمع أفرادا وجماعات، وتبنت مؤسسات حكومية وخاصة طرقا متنوعة للتعليم في هذه الفترة، و كالعادة انبرت عزائم المبدعين والمفكرين وتسابقوا لإقامة المنصات وإعداد الدروس لمختلف المراحل الدراسية. ومع هذا كان الخوف من إهمال الأبناء وعدم مقدرتهم على الاستفادة من تلك البرامج التعليمية المعدة حاضرا لأنه بكل بساطة افتقد الى مهندس العقول البشرية ومكتشف مكوناتها وبواعثها الفطرية وحكيم الميدان التربوي ألا وهو المعلم حيث من الصعوبة بمكان أن يقتحم أحد منا ميدانه. فحقيقة، يجب علينا جميعا التسليم بعظم دوره. وذلك بسبب ما واجهناه من صعوبات وصراعات وضغوطات نفسيه واجتماعية في سبيل تحقيق محور من محاور العملية التعليمية التعلمية و هو الجانب التنظيمي فقط بحيث كان جل اهتمامنا أن يلتزم الأولاد بإدارة وقتهم والاستفادة من الجهود المقدمة للمحافظة على المستوى التحصيلي لديهم. والكثير من المصلحين والناصحين كانوا يسألون أين المجتمع من المعلم وجاءت هذه الجائحة الوبائية و أرغمتنا على تقمص دوره، ومع ذلك لم نفلح أو لم يفلح أغلبنا، وتأكدت حكمة الشاعر في قوله :- «إنَّ الْمُعَلِّمَ وَالطَّبِيبَ كِلاهُمَا لا يَنْصَحَانِ إذَا هُمَا لَمْ يُكْرَمَـا أَكْرِمْ طَبِيبَك إنْ أَرَدْت تَدَاوِيَـــا وَكَذَا الْمُعَلِّم إنْ أَرَدْت تَعَلُّمَــا». لذلك سنخرج من الجائحة الوبائية بإذن الله بأول درس اكتسبناه منها و يجب علينا جميعا تطبيقه فيما بعد،وهو أن نكون مساندين ومقدرين لجهود المعلمين والأكاديمين، نلتقي معهم في جميع ما من شأنه النهوض بمستوى أبنائنا والارتقاء بهم.
ونحث أبناءنا وبناتنا على احترامهم و الاستماع و الانصات لتوجيهاتهم.
أما الدرس الثاني من هذه الجائحة والذي لا يجب على أبنائنا نسيانه أو تجاهله في قادم الأيام فهو أن يبدأوا بداية مستمرة لا تنتهي إلا مع تحقيق الهدف، وذلك من خلال الجد والاجتهاد وعدم التسويف، وأن يعملوا بمقولة لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد لكي تكون في مصاف المتفوقين والمتميزين دائما و حتى لا تسلم نفسك وأهلك إلى صراعات نفسية واجتماعية أنت في غنى عنها. فما حصل خلال هذا العام يجب أن يكون لك درسا، فقد عاشت كثير من الأسر ضغوطات نفسية ناتجة عن خوفها على مستقبلكم، ومن أي قرار قد يتخذ يهدم جهودا بذلت لأجلكم، ولم يسلم من هذه الصراعات والتناقضات القائمون على المؤسسات التعليمية، فقد وقعوا بين مطرقة الأنظمة واللوائح وما يجب الالتزام به لأجل مصلحة النظام التعليمي في البلاد وسندان العواطف ومراعاة الأمور النفسية والاجتماعية والمادية من ناحية أخرى. ومع قوة العقل والمنطق في حسم كثير من القرارات إلا أن العواطف قد تكون أكثر قوة في بعض الأحيان خاصة في موضوع إقناع العموم إذ إنها تعتبر القوة الراجحة و الفعّالة فيها. وبما أن الله عز وجل قد أوجد فينا عقلا باعثا لأفكارنا فنريد أن نرى المنطق والحكمة وراء معظم قراراتنا إلا أن الواقع هو أن معظم المواقف التي تستدعي إقناع الآخرين نستخدم فيها العاطفة ونبررها بالحقائق لذلك عزيزي لا تقحم نفسك في صراعات وتناقضات من صنع يدك، و لا تجعل مستقبلك بيد الآخرين وأنت قادر على تحقيقه وأعني بذلك أبنائي وبناتي الذين كانت معهم إخفاقات في بعض المواد بالفصل الدراسي الأول، فقد عاشوا ومن حولهم خلال فترة تعليق الدراسة وبعد قرار إنهاء العام الدراسي في ضغط نفسي أكثر من الخوف من جائحة كورونا نفسها. فاجعلها درسا وموعضة حتى وإن لم تكن ممن أخفق و لم يحزم أمره منذ البداية وتعلم ذلك من خطئك وأخطاء الآخرين لتحديد مسارك في الحياة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights