الاستفزاز في عالمنا الافتراضي بين الخدعة والتحايل وضعف الشخصية
✍️ خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي
أنتشر في عالمنا المفتوح والمعاصر ، ظاهرة الاستفزاز الالكتروني بشتى أنواعه ، ووسائل التفنن في كيفية تصيد الزلات ، واستغلال الأمر من البعض بحجة استغلال القانون والتشريعات لما يتعلق بحرية التعبير وانتقاص الشخصية ؛ وأصبح وسيلة من وسائل الانتقام حسب اعتقاد المُستَفِز ، واستغلالاً لضعف الشخصية لدى المستفز منه، وأصبح من وجهة نظري هو مرض العصر التي يقع فيها الكثير من الناس ضحية وفريسة سهلة من المُخادِع أو المُستفِز.
إنَّ الاستفزاز هو ذلك التصرف إما بكلمة أو أسلوب بغرض إثارة الشخص المقابل لأغراض خاصة بالشخص المُستفز، واعتماده على إثارة الشخص المقابل مما يُحوّل الموقف والمكان إلى ساحة حرب سلوكية أو كلامية تؤدي إلى عواقب وخيمة تضر في بعض الأحيان بالطرفين وله تأثير مباشر أو غير مباشر بالأسرة والمجتمع في بعض الأحيان، وهو لا شك مؤشر لضعف الشخصية؛ وقلة الحيلة وانعكاس للقلق داخل نفس غير سويه ، وذلك كلهُ مرفوض سلوكياً وأخلاقياً حضارياً وأخلاقياً .
ولو دققنا في أساليب الاستفزاز المنتشرة ؛ بمختلف أنواعها فنجد أنه سلوك شخصي يعتمد على قوة الشخصية وضعفها بين الطرفين ، وكل ما يخطر ببال النفس البشرية من تصرفه يعتمد دوماً على استفزاز الشخص المقابل وهو شخص يفتقد قوة الحجة والبرهان بوجه العموم ، ويعتمد فقط على التقليل من شأن الشخص المقابل، ويكون همه كيف يجعل النظرة له سلبية يغطي بها على قصور قدراته الذاتية ، ومن الأمثلة على ذلك والمنتشرة في عالمنا الإفتراضي ما نسمعه من واقع معايش لرفع قضايا ضد أشخاص مقابل أنهم أنتقدوا كلام معين في تغريده أو مقطع مسموع أو مشاهد ، وقد اختلقوا لأنفسهم الحجة القانونية التي يتم استغلالها كمدخل سهل لجني الأموال أو الإساءة لذلك الطرف ، بالرغم أنها قد تكون واقع يتحدث عن إنتقاد تلك الشخصية المُسْتَفِزةِ للطرف الآخر ، إلا أنَّ الأسلوب الذي تم إنتقاده به يعتبر أنفعالي وعفوي في كثير من المواقف، ولكنه بسبب التحايل التي يستخدمها الطرف الأول واستغلاله لضعف الشخصية للطرف المقابل تكون سبباً من أسباب الوقوع في المحظور وينقلب حينها الأمر إلى مصدر من مصادر الدخل ونوع من أنواع الخدعة لإثراء الموضوع ويعتبره مجرد استفزاز لقلة الحيلة أو استفزاز من نوع آخر، وقد يكون إستفزاز بسبب الغيرة لأنه لا يريد ان يكون هناك أفضل منه على الساحة.
هناك قلّة قليلة من الأشخاص ممن يستطيعون استخدام الأسلوب الاستفزازي الذي يمارسه المُستفز بشكل يخدمهم، واستغلال الموضوع لمصلحتهم ؛ لكي يستطيع حينها أي شخص تمرّس الحوار وإتقانه ان يكتشف الشخص الذي أمامه الذي يستفزه لإثراء الموضوع ،وبذلك وأي كان أسبابه فسيكون مكشوفاً أمام الأشخاص الذي يمتلكون تلك القدرات العالية في كشف الخبايا أو استقراءها.
إنَّ الاستفزاز ، هو طبع وسلوك، والطبع وان كان في تغييره صعوبة إلا انه أمر مكتسب يتغير بتغير الأزمنة والأمكنة وتغير القناعات نفسها ، وتغيير الطبع ما هو مستحيل في كثير من الأحيان، ولهذا علينا أن نرتقي قليلا في تعاملنا مع مثل هؤلاء ، فلا يكون كل همنا إطفاء وهج حضورهم أو التقليل من شأنهم بمجرد عدم قناعتنا بفكرهم وطريقة عرض افكارهم ، لأنهم قد يكونوا أذكى بكثير مما نظن فيترفعون بمجرد الدخول معهم بحورارات أو نقد ، وعلينا أن نتجاهل ذلك الطرح ، ولا نجاري فكرهم وإن كان هناك من لهم رأي آخر يغاير فكرنا ويكون معهم متوافق في الطرح والأسلوب ويرفع من قيمتهم ؛ إلا أنهم يظلون قلة فلا تكن ضحية وضعيف الشخصية فتُسْتَغَل.