رمضاننا في زمن كوفيد 19
هلال بن حميد المقبالي
قبل أيام قليلة هل علينا ضيف كريم، فيه الرحمة والمغفرة، وبين جنبات أيامه عتق من النار، إنه شهر رمضان، شهر الخير والعطاء، الشهر الفضيل الذي ننتظره كل عام بشوق ولهفة وسعادة لقدسيته لدينا، ومكانته في نفوسنا بروحانياته وعاداته وتقاليده الحميدة، ولكن قدوم رمضان هذا العام ليس كقدوم الشهور الرمضانية التي مرت علينا طوال أيام أعمارنا التي مضت، أتى رمضان (1441) مختلفًا عما عهدناه منذ طفولتنا رغم الاختلافات التي مر بها مع تطور الحياة المدنية والعصرية، لكن هذا العام اختلف كثيرا فقد جاء في زمن جائحة كوفيد 19، ليبتلع (فيروسها) عادات و روحانيات رمضان (1441) تاركا ذكراه الأليمة هي الأبرز هذا العام.
أصبح لرمضان هذا العام (1441) ميزة مختلفة، وسلوك مختلف، فرضه علينا الوضع القائم، مجبرين على ذلك لسلامتنا وسلامة المجتمع، ملتزمين بقرارات اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19)، في التباعد المجتمعي، والبقاء في المنازل.
سنفتقد في رمضان (1441) عادات كانت حاضرة فيه أكثر، دون غيره من الشهور، مثل:
1. الزيارات المتبادلة بين الأسر من العائلة الواحدة.
2. اللقاءات العائلية للإفطار كل مرة في بيت أحد أفراد العائلة.
3. التجمع اليومي للجيران بعد صلاة التراويح لتناول القهوة.
4. تبادل الأطباق الرمضاية بين الجيران.
5. التجمعات واللقاءات الشبابية.
6. الإفطار الجماعي في المسجد.
والعديد من العادات التي تميز بها المجتمع العُماني، قد تختلف بعض العادات حسب التنوع الجغرافي للمحافظات، والولايات في السلطنة. كما أن هناك روحانيات جميلة نعيشها خلال شهر رمضان المبارك ، ومن هذه الروحانيات :
1. التجمع في المساجد بعد كل صلاة لقراءة القرآن.
2. صلاة قيام رمضان(التراويح).
3. حلقات الدروس الجماعية في المسجد، والمحاضرات.
4. الاعتكاف، وقيام الليل.
و ما ماثلها من روحانيات كانت تزدهر بها أيامنا في رمضان.
رغم السلبيات التي فرضها علينا (كوفيد 19) خلال شهر رمضان (1441)، إلا أن هناك إيجابيات حميدة أيضا كنا قد افتقدناها، أهمها:
1. زادت صلوات النوافل والسنن، في البيوت فاصبحت بيوتنا مساجد.
2. تجمع أفراد الأسرة في صلاة الجماعة لجميع الصلوات بما فيها صلاة التراويح، وقراءة القرآن الكريم، حيث تولد لدى الناشئة فضل الصلاة والترابط الأسري.
3. عدم الإسراف والمبالغة في طبخ الوجبات الرمضانية المختلفة، فقد كانت التجمعات الأسرية و العائلية، حلبة للتنافس فيما بينها، والحديث بعد رمضان، أي عائلة قدمت الأفضل؟
4. تجمع جميع أفراد الأسرة على مائدة الإفطار، فلا الرجال ذهبوا للإفطار في المسجد ولا النساء تجمعن لفطور الحارة.
5. قلة السهرات الرمضانية خارج المنازل.
6. و الأهم من ذلك إغلاق مقاهي الشيشة التي يتزاحم عليها الشباب بعد الإفطار مباشرة.
رغم كل ذلك، نقول الحمد لله أنه مرض وليس حرب، الحمد لله أنه فيروس وليس دمار فنحن نعيش آمنين مطمئنين عندنا قوت يومنا، سعداء باستقرارنا مع ذوينا وأهلنا، لا نحاتي شيئا، ولا يعكر حياتنا شيء، راضين بالوضع القائم آخذين بالأسباب، حتى يتلاشى هذا الوباء، مؤمنين وموقنين بأن الله سيزيل هذه الغمة عن الأمة؛ لتبقى ذكراها للناس والتاريخ دروس وعبر.