كوفيد 19 شاهد آخر للقيم الاجتماعية العمانية
هلال بن حميد المقبالي
تعد القيم الاجتماعية الأساس في التعاون والتعامل المجتمعي، ولها أهمية عظمى في حياة الفرد والمجتمع، فهي تساعد في ترابط المجتمع وبناء أسلوب تعامله، ومعيشته، فمفهوم القيم الاجتماعيّة: هي الخصائص و الصفات المحببة والمرغوب فيها لدى أفراد المجتمع، والتي تحددها ثقافته المجتمعية مثل: التسامح واحترام الآخر، وصدق التعامل، والتعاون، والإيثار على النفس، وما يحدد وجود القيم الاجتماعية هو الإطار التربوي العام في المجتمع، ومدى الوعي الذي وصل إليه أفراد المجتمع في تعاملهم مع بعضهم البعض، مما يجعل اهتمامات الفرد الخاصة لصالح المجتمع ككلّ. كالتعاون والتعاضد، ويعدّ التعاون من أهم مقوِّمات وركائز التواصل البشري، ولا غنى عنه بين أفراد المجتمع، والمجتمعات الأخرى.
لقد حظي المجتمع العماني منذ القدم بقيم عديدة، استمدها من مقومات الدين الإسلامي، وتقاليد العروبة الحقة، ومن أسلوب حياته في بيئاته المختلفة، فولدت لديه قيما امتاز وتميز بها دون غيره، فكانت السبب الأساسي في تماسكه، وتكاتفه في شتى نواحي الحياة المجتمعية، وما كنا نشاهده ونحن صغار من تكاتف وتعاون مجتمعي في جميع النواحي الحياتية، _ أفراحاً وأتراحاً _ وما عاصرناه وعشناه، ما هو الا امتداد لقيم اجتماعية، تأصلت وترسخت منذ الأزل وتوارثها جيلا بعد جيل، وها نحن اليوم نستمر على ذلك النهج السليم، والذي تعلمناه من آبائنا وسنعلمه لأبنائنا، ضاربين به أروع الأمثلة في القيم الاجتماعية.
تظهر القيم الاجتماعيّة من خلال رغبة الإنسان بتقديم العون لمن حوله، وتفاعله الاجتماعيّ مع الوسط المُحيط به، واتّخاذه هدفاً لإدخال السّرور على الآخرين، عن طريق المساعدة بتقديم الخدمات، واظهار العطف، والحنان، والإيثار على النفس، فالقيم الإجتماعية قيم إنسانية أولاً وأخيراً.
القيم الاجتماعية تنبع من قيم الأخلاق والإنسانية والوطنية، وهذا الشيء جسده العُماني من خلال الأزمات التي مر بها وطننا الغالي عُمان، وما أزمة كورونا ( كوفيد 19)، وما شملها من تكاتف وتعاون مجتمعي، بين الشعب والدولة ما هو إلا دليل واضح لهذه القيم الاجتماعية. ولتكون شاهدا لنا في زمن كورونا ( كوفيد 19) ، كما شهدت لنا الأزمات السابقة، فمنذ ظهور فيروس كوفيد 19، ولحظة إصدار التعليمات الاحترازية لمنع انتشار فيروس( كوفيد 19) من قبل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19)، هب المواطنون والمقيمون بتكاتف مجتمعي واحد مع الحكومة، لمساعدة الوافد المقيم قبل المواطن، و توفير لهم السبل المعيشية اللازمة، مدركين الغاية الإنسانية في ذلك، وأن القيم الاجتماعية لا تميز بين مقيم ومواطن ممن انقطع عنهم مورد رزقهم اليومي جراء جائحة كورونا (كوفيد19)، فقامت على ضَوء ذلك الفرق التعاونية الأهلية واللجان التطوعية، والجمعيات الخيرية وبعض الشركات وجهات حكومية مختلفة، بتعاون وتلاحم تام، مستنفدين كل طاقاتهم ومواردهم يجوبون المساكن والقرى لمد يد العون للمحتاج، بقدر الإمكانيات المتاحة لتخفيف العبء عنهم من جراء ما ترتب عليه وضع البقاء في المنازل كوضع احترازي لمنع تفشي فيروس (كوفيد 19) .
يقال إن الشدائد تظهر معادن الرجال، ونحن في بلد مثل سلطنة عُمان لا نحتاج للشدائد لتظهر معادننا، فنحن المعدن النفيس النقي الذي تهابه الشدائد والأزمات، وتقف عاجزة حائرة دونه، فالعُماني معروف بمبادئه وقيمه الإنسانية، وترابطه المجتمعي، ولحمته الوطنية، و ما هذه المبادىء والقيم إلا غراس غرسه الأولون ونبتت معها الأجيال، وستظل تنبت مع كل جيل ينتمي إلى هذه الأرض الطيبة.