هل أنت حيٌّ ميَّتْ … أم أنك ميَّتٌ حي…
✍️ المهندس خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي
وادي بني رواحة – ولاية سمائل
هل تساءلت يوماً عن سر وجودك في هذه الدنيا ؟!؛ وهل عرفت نفسك من تكون فيها، وهل خطر ببالك أن تُقّيم نفسك بما تعمل وما قضيت فيها، هل تساءلت يوماً هل حيٌ ميت أم سوف أكون ميتٌ حي ؛ وكيف أستطيع أن أكون كذلك؟!…
ربما يعتقد البعض بأن هذه التساؤلات مجرد هلوسة ؛ وربما البعض منا لا يستسيغها ولا تعنيه وهو يعيش إحداهما ولكنه لا يدركها ؛ فالحي الميت ربما تكون أنت، ولكنك غير واعي ولا مدرك لما تعيشه وتمارسه ، وربما يكون هو شخص ليس بغريبٍ عليك، وقد وافقته أو ما زلت ترافقه ، أو ربما قابلته، وقد تعرفه أكثر مما تعرف أي شخص آخر وتعده قدوةً ؛ وتحترمه ولكنك غير مدرك لما يدور من حولكم ؛ فهو حيّ ميّت، فوجوده وعدمه سواء، إن حضر فهو مفقود، وإن غاب فلا أحد يشعر بغيابه ، فهو موجود غير موجود، وغائب غير مفقود!.
هذا الحيّ الميّت كثر أمثاله في زماننا،تراه يطبق في حياته مبدأ يراه عظيما ويعيش تفاصيله ، وقد يتمسك به أكثر من تمسكه بأوامر الله؛ يرى نفسه هو الأفضل ولديه قاعدة ومبدأ مترسخ إنه (من تدخل فيما لا يعنيه وجد مالا يرضيه). يطبقه تطبيقا أعمى، دون أن يعي معناه وموضعه، وهو في هذه الحياة لا يعنيه شيء سوى نفسه، ضرره أكثر من نفعه ، ووجوده كعدمه لا ترى له أثر يذكر ، يبعد نفسه عن مخالطة الناس اعتقاداً منه أنه يبعده عن مشاكل الحياة ، دون أن يراعي الحقوق والواجبات التي عليه للآخرين من حقٍ لصلةِ رحم وقرابة أو نسب ، أو جيرة ، أو صداقة ، أو أخوةٍ أو واجبٌ مجتمعي يسهم في خدمة الناس والمجتمع ؛ فيكون حينها مجرد شخص يتحرك بجسمه الحي ولكنه لدى العامة ميتٌ حي فإن عاش لم يُنتفع به وإن مات لم تحزن عليه .
أما إذا أردت أن تكون ميتٌ حي ؛ فعد حسابك مع نفسك ، والتفت لما حولك ، وتفكر فيمن رحل عنا ومات اسمه وذكره ، وأعد شريط الذكريات لديك وانظر للمستقبل القادم لمن رحل عنا وبقي اسمه وذكره ؛ فهو ميتٌ ولكن حيٌّ بما عمل ، وقدّمَ وأسهم ، وبما شمِّر عن ساعديه لمجتمعه وأهله وجيرانه وأصدقاءه ….
والآن اسأل نفسك هل أنت الحي الميت؟ وكيف أستطيع أن أكون ذلك الميتُ الحي ؟ .
إذا ما عليك إلا أن تتدارك نفسك وتبحث عن حقيقتك ؛ فهل قدمت لمجتمعك أي شيء سيذكرك الناس به بعد موتك؟ هل سيفقدون وجودك بينهم بعد موتك؟ أم أنك سترحل عنهم دون أن يشعر أحد برحيلك؟ .