أوبك بلس أقل من المطلوب
تركي محمد العوين
لا شك بأن الاتفاق الذي حصل من قبل أوبك بلس بخفض إنتاج 10 مليون برميل هو إنجاز تاريخي بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهناك اتفاق آخر من قبل دول خارج أوبك بلس دول تنتمي إلى مجموعة العشرين ( أمريكا، كندا، …) ستلتزم هي الأخرى بتخفيض الإنتاج ليصل الإجمالي إلى ما يقرب من 15 مليون برميل، يبقى السؤال الجوهري هل هذا التخفيض هو الحل؟
في ظل التباطؤ الاقتصادي وإلاغلاق شبه الجماعي للمصانع العالمية وارتفاع معدلات البطالة في العالم أجمع، فالصين ليست مثل ما عهدناها إذ أن الحكومة الصينية أعادت فتح مدينة يوهان بؤرة الفايروس فهل هذا كافي لقول أن الصين تجاوزت الأزمة وعادت إلى طبيعتها؟
وفي هذه الأثناء تم التكتم عما حدث وأغلقت مدن أخرى، فوحش الطاقة الصيني الذي يستهلك يوميا 10 مليون برميل من أصل 100 مليون قبل أزمة كورونا ليس كالسابق فهناك نقص حاد بطلباتهم، ولا يمكننا التغاضي عن دول أوروبا التي أشبه ما تكون قد أصيبت بشلل وأخشى أن يستمر هذا الأثر لفترة طويلة، تستمر لسنوات بل حتى أن أمريكا هي الأخرى تعاني من مشكلة أعظم؛ فأصبحت أمريكا بؤرة انتشار الفايروس فها هي نيويورك تغلق كليا.
ولكي تتخيل مدى خطورة هذه المسألة فالولايات المتحدة الأمريكية خاضت الحرب العالمية الثانية ولم تعلن حالة الطوارئ إلا ببعض الولايات، أما الآن وبسبب كورونا فقد أعلنت حالة الطوارئ في شتى أنحاء البلاد.
الاتفاق الذي حصل سابقة تاريخية وإعجازية تحسب للقيادة السعودية لكونها طرف رئيسيًا فيه، والخطوة القادمة هي التحدي الأصعب، حيث سيكون هناك تخفيض أكبر في الإنتاج وقد يكون أهم قرار يحدث هذا العام.
وبحسب توقع الشخصي أتوقع أن يصل إنتاج السعودية وروسيا عمالقة أوبك بلس بحدود ٥ مليون برميل لكل منهما، وفيما يخص أمريكا توقعي أن يكون الإنتاج بحدود 8-10 مليون برميل يوميا، ولا بد أن تكون الأسعار بمتناول المستهلكين ومرضية للمنتجين؛ لكي يستعيدوا قوتهم و تدب الحياة في مصانعهم.
كم يبلغ السعر العادل ؟
صحيح أنه تم الاتفاق ولكنه كان متأخر جدا فالمستهلكين تكدست مخازنهم من النفط الرخيص، فقدْ فقدَ النفط الثلث من قيمته، بل أن الدول المصدرة تعاني بعض الشيء بتصريف ما لديها من النفط، فإذًا الأسعار الآن بمقياس الوضع الحالي منخفضة، ولا بد من اتفاق آخر بخفض كميات أكبر فترتفع الأسعار لتجبر المستهلكين على استهلاك مخزونهم الذي استفادوا منه قبل الاتفاق حينما كان النفط يغرق السوق بأسعار منخفضة.
الأهم من هذا هو الالتزام التام بالاتفاق، فعلى المنتجين الاختيار بين أمرين لا ثالث لهما إما رفع الأسعار على المدى القريب فتكون بحدود 30-40 دولار لتجبر دول كالصين والهند وغيرها على استهلاك مخزونهم ليضطروا بعد ذلك إلى الشراء، لكن قد يؤدي هذا الفعل إلى كساد اقتصادي لبعض الدول بسبب رفع تكلفة الإنتاج. وإما المحافظة على الإنتاج الحالي والذي سيؤدي إلى ركود اقتصادي، كلاهما مر وأفضل حل هو المحافظة على الحصة السوقية وأكبر المتضررين بهذه الأزمة هم الدول المنتجة للنفط، والخطر الأعظم هو فقدانهم لحصصهم السوقية.ولا يزال العالم تحت رحمه كورونا وما تؤول إليه.