السعادة الوظيفية وطرق تحقيقها
خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي
إن السعادة الحقيقية في الوظيفة هي الشعور بالرضا والاستمتاع بالمهنة أو العمل الذي أنت فيه أو تتطلع أن تكون فيه؛ وبلا شك فإن طبيعة الإنسان أن ينجذب إلى ما يحب، ولهذا فإن العمل في مكان محبوب يجعل الموظف أكثر إقبالا على العمل والإنتاج وتحقيق الرضاء الوظيفي والإبداع معًا وينعكس ذلك إيجابا عليه وعلى أسرته وبيئة العمل والمجتمع بأسره أيضًا.
لهذا يجب أن تتوفر عدة شروط لتحقيق الإبداع والرضا الوظيفي، ومن أهم ركائز تلك الشروط هي مراعاة القيم والمبادىء الاجتماعية والثقافية مع التركيز على الجانب الديني والإيماني ومراعاة ظروف وتحديات العمل والتعايش مع الواقع والظروف المحيطة بالعمل مع عدم نسيان نفسك بأنك جزء لا يتجزء مِن تلك المنظومة؛ وكأنك أنت صاحب العمل، وأنت المستفيد من تلك الوظيفة في المقام الأول قبل أن تكون أداة تحرك وفق أهواء الآخرين أو التظاهر بأنك متقن لها وأنك تذهب إليها كل يوم بقصد كسب الرزق فقط وبعدها تصبح روتينا قاتلا ومملا لا يحتمل الاستمرار فيه، ويبدأ تآكل الجدران وتسقط أنت فريسة تلك الظروف وتضيع مصالحك ومصالح صاحب العمل ومصالح الناس المستفيدة.
كما أن هناك عدة عوامل إذا توّفرت كلّها أو بعضها تحققت المتعة، ومن أبرزها على سبيل المثال لا الحصر؛ أن يكون العمل محببًا إلى النّفس ومنسجما مع ميول الشخص وتطلعاته، كذلك عندما ينال الشّخص احترام وتقدير الآخرين سواءً كانوا من الرؤساء أو المرؤسين أو من تقدم لهم تلك الخدمة، أو عندما تتحرك في وجدانه قيم نبيلة كان قد اختزنها في طفولته، أو اكتسبها من خلال تراكم الخبرات لديه من التعايش مع الآخرين وقد آن الأوان لكي يترجمها إلى أفعال فتكون لها آثار طيبة في نفسيته وعلى الآخرين أيضًا، كإدخال السرور عليهم، كما أنّ وجود من يتشوق لنتائج عمله، والشعور بالرضا وغياب السخط، والثقة في النّفس، وحبّ من يعمل معهم، وتحقيق مكاسب مادية أو معنوية أو كليهما، كلّ ذلك من مسببات حدوث المتعة، وحبذا لو استطاع الشخص التوفيق بين عمله وممارسة هواياته بما يتماشى مع ظروف عمله ومراعاة الاندماج مع زملائه في العمل وفق مبادىء وقيم اجتماعية وثقافية ترتكز عليها مبادىء العلاقة الأخوية بما لا يتعارض مع مصلحة العمل والبعد عن تغليب المصالح الشخصية، أو ربطها بالعمل وتصفية الحسابات؛ لتكون الهواية مجالًا للتخلص من الآثار السلبية للضغوط، وبعث طاقة إيجابية تولّد لدى الشخص شعورًا بحبّ العمل والإقبال عليه بشغف.
لهذا فإن الاستمتاع بالعمل هو مكسب يجب أن يحافظ عليه كل مؤتمن على وظيفة مع مراعاة القيم النبيلة التي تعينه وتعين الآخرين على تحقيق السعادة والإبداع المستمر والتعاون الإيجابي المبهر الذي يشعرك بلحظات من حولك سواءً في العمل أو الأسرة أو الشارع وتكون حينها نموذجًا يحتذى به ويشار إليه بالبنان، مع مراعاة أنك متقلب المزاج بطبعك وأنك معرض لتبدل الظروف وتغير الحال، وكذلك من حولك ومن يستفيد منك لتخدمه فلا تجعله يؤثر على مشاعرك وأدائك، فكلما كنت مستمتعا بعملك كنت أنت البطل والظافر، فهكذا نحن طبعنا جميعا إلا أنّه سرعان ما نعود إلى طبيعتنا إذا استقامت لنا الظروف واعتدل المزاج.