هيثم بن حمد الجهوري
هالة الغموض دائماً تعطي للشيء بريقاً فما أجمل لمعان ذلك البريق عندما يبزغ بعد معاناة نزيف أحلامٍ وأَمال وأقسى صنوف الإضطهاد للأمنيات وسراديب الجهل والظلم.
ولأن الأشياء تُعرف بأضدادها كانت لذة تحرر العقل البشري وانطلاق فكره في شتى ميادين المعرفة كان بقدر مرارة ظلمات الجهلُ والعناء.
كانت تلك الميادين عناوين إنتصارات ضاقت عليها الأرض على رحابتها فاتخذت من الفضاء مرتعاً لتلك العقول البشرية التي لم ينضب معِينُها التي يُغذيها نور الله حتى يُنير لها عتمة كل طريق تيسيراً لما خُلق له من حمل أمانة عمارة الأرض وتمكينه من عرش الخلافة فيها
فتعاظم الإنسان في قدر نفسه بعد كل التمكين له في الأرض وتطاول أمنياته وسقف الأحلام الذي يزاحم السماء فَلم يكتفي بأن يكون خليفة المولى عز وجل بل الإنسان هو من يتربع عرش الكون الذي شيد عمرانه، بعد أن تهاوت الإنتصارات في جميع المجالات المختلفة التي خرت صاغرة أمام جبروت علمٍ وفكر رحب وانطلق لِيُبحر في الفضاء حتى يكمل هيمنته ثم يعود شاهراً سيف الإنكار والإلحاد في وجه خالقه فانكر من هو سبب وجوده وعاز كل الأمر إلى صدفة وجود الكون ثم إلى إبداع العقل البشري في تنظيم الحياة وتذليل الصعاب فتعالت أبواق الفلسفة الوجودية.
فجاهد في تطويع كل نواميس الكون وشرح آياته وفق نظريات علمية بحتة وكل ما حولنا هو نتاج تجارب إحتضنتها مختبرات من وحي العقل البشري فتجرد الإنسان من الجانب الروحي وإغتال كل ما يربطه بخالقه فتمادى إزدراه وافترى زوراً وبهتاننا أن الدين يكبل إنطلاقته ويطمس معالم الفكر.
فتولد الإلحاد بين كثير من البشر ممن غُرر بهم في خِضم نعيم الحياة وأهوال قدرات العقل البشري التي ساحة إنجازاته لا تنضب وجديد إبتكاره في تكاثر غاشم ؛ ولأن الرياح تجتث كل هشٍ ومن لم تكون جذوره موغلة في الثبات، ها هي رياح الإلحاد تتلاعب بكثير من أمة آل طه فلامسة شذراتها الكثير على إختلاف قوة تأثيرها فأشدها هو نكران وجود إله الكون وأدناه ما نراه من إزدراء لبعض تعاليم الدين والهمز واللمز لمن يسير في الطريق بحثا عن شطره المفقود من الجانب الروحي.
تفشت الفوضى الفكرية والعالمية والإجتماعية بين البشر ولأن البعض يتغذى على تعاسة الآخرين فأصبح الغني ينهب الفقير والقوي يبطش بالضعيف ؛ فأختل نظام الكون برمته
فأرسل المولى جل في علاه جند من جنوده التي لا يعلمها إلا هو
أرسل فيروس لا يمكن رؤيته إلا بأشد الأجهزة المجهرية دقة فيروس لا يملك أبسط مقومات الحياة فما هو الإ عبارة عن غلاف بروتيني يحمي الجين الذي يحتويه لا يتكاثر إلا عندما يلامس خلية حية فقط ولا يكون له حياة بعيداً عنها
ورغم هوانه وحجم الضعف الذي يعتريه الإ أن أشد المنظومات العسكرية تطورا والتي تسابق الصوت في سرعته عجزت عن ردعه
وجميع فنون الطب حارت في فك طلاسمه
واستنزف إقتصاد العالم والدول التي تدعي العظمه تصدع أركانُها وجثت تنوح على طللٍ.
فأصبحت المدن المزدحمه خاوية
و المطارات بلا مسافرين
والطرقات بلا مرتاديها
هنا يجب علينا أن ندرك أن رحابة الكون يجب أن تجعلنا نشعر بضئالتنا
ولأن بقدر الألم والمعاناة يكون رجوعنا إلى الله لعل الغشاوة التي على القلوب تزول والضمائر التي طال سُباتها تستيقظ .
الإيمانُ والعلم لا يمكن فك عراهم فالآيات القرآنية التي تحضُ على العلمِ والتدبر في الأفاق والأنفس أكبر من أن تُحصى وأعظم من أن تتجاهل
و تلجم فاه كل من ينعق بأن الدين يكبل العلم ويحجم مداه
هنا لا نصوغ للتقاعس من أجل التغلب على الجائحة بل علينا الجد في الأخذ بالأسباب فهو المعنى الحقيقي للتوكل الحق على المولى عز وجل الذي يبث فينا الطمأنينه والأمل في القضاء عليها
ويبقى اليقين الثابت بأن كل الأحداث التي نظن أنها شرٌ كبير قد تكون خيراً ورحمة إنها تدابير الله التي لا ندركها.
يا رب نورك
النور الذي تدركه الأبصار ولو في العتمة
يا رب أمانك
الأمان الذي لا يمسه خوف
يا رب رحمتك
الرحمة التي وسعت كل شي
وأجبر إلهي كل نفسٍ ترتجي فرجاً وكانت بالإجابة مُوقنة.
