علي بن مبارك اليعربي
أخصائي اجتماعي بمدرسة مازن بن غضوبة
بولاية سمائل
العام الدراسي 2019 /2020 عام استثنائي بكل المقاييس، مرَّ على أبنائنا الطلبة، تخلله حدث وفاة باني نهضتنا المباركة جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، وما صاحبها وتبعها من أثر نفسي في نفوسنا جميعا في سلطنتنا الحبيبة، مروراً بالمنخفضات الجوية وما رافقها من إجازات، وها نحن نتوقف هذه الأيام مع جائحة كورونا ونعلّق الدراسة، ولكن كما يقال: للضرورة أحكام، نسأل الله العلي القدير أن نخرج منها سالمين غانمين برحمته ولطفه سبحانه.
والسؤال الآن والذي يجب أن نسأل عنه صانعي القرار في وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي:
ما مصير أبنائنا الطلبة بعد جائحة كورونا؟؟
يجب عليكم وقبل اتخاذ أي قرار أن تنظروا بعين الاعتبار إلى الجهود المبذولة من قبل أولياء الأمور، وكذلك إدارات المدارس في السعي لرفع المستوى الدراسي لأبنائهم الطلبة من خلال معالجة بعض الأخطاء التي كثيراً ما يقع فيها بعض الأبناء في بداية العام الدراسي، أي في الفصل الدراسي الأول، وذلك بسبب قلة الوعي وضعف الإدارك واللامسؤولية من قبل بعض الأبناء؛ فتجد المستويات الدراسية والتحصيلية متدنية، وتجد الكثير من الأبناء لديهم إخفاقات في أكثر من أربع مواد أحيانا ثم يرتفع الأداء تدريجيا وتتلاشى تلك الإخفاقات مع نهاية العام الدراسي وذلك من خلال تظافر الجهود بين البيت والمدرسة،مع التوعية المستمرة لأبنائنا الطلبة من قبل أطراف المجتمع المدرسي خلال فترة الفصل الدراسي الثاني. ولإثبات صدق حديثي أدعو المعنيين بالأمر إلى الرجوع إلى سجلات الدرجات في الأعوام الماضية.
وما دفعني للحديث عن هذا الأمر ما يتداول من مقترحات حول آليات تقويم طلاب المدارس نهاية هذا العام الدراسي الاستثنائي، فبعض المقترحات قد تضر كثيرا بمستقبل وتطلعات كثير من الأسر في السلطنة، فأي قرار يجب أن تراعى فيه المصلحة العامة، فكيف يتغير نظام كامل بظرف عابر؟ فالأنظمة و اللوائح يجب أن يلتزم بها جميع الأطراف منذ البداية حتى النهاية دون مساس بمصلحة أي طرف من الأطراف التي ينص عليها النظام، ففي الأوضاع العادية من العام الدراسي إذا تأخر طالب ما عن أداء امتحان أحد الفصلين وتمكن من النجاح في النتيجة النهائية تُلزمه الأنظمة واللوائح تقديم اختبار دورٍ ثانٍ، ولا يعتبر ناجحاً -رغم حصوله على درجات النجاح ولا يعتمد نجاحه- إلا بعد تأدية الدور الثاني، فهل يصح أن يتوقف مصير طالب على نتيجة فصل واحد مهما كان وضعه الدراسي؟ وحتى إن كان ظرفا استثنائيا ففي الغالب لا يكون لصالح الطالب، أم أن واضع القرار ينظر إلى ما يسهل عليه ويسهل تطبيقه ومن ثم يتم تنفيذه دون النظر إلى المعني الأول بالأمر وهو الطالب، مالكم كيف تحكمون، هل لأنهم، أي الطلاب، هم الحلقة الأضعف في المنظومة التعليمية رغم أن هذه المنظومة وضعت لأجلهم هم؟ ألم نضع تلكم اللوائح والأنظمة لأجل تقدم وتطور مستواهم الدراسي؟ وأي قرار يتخذ دون النظر إلى مختلف الجوانب النفسية والاجتماعية والثقافية بما فيها الجوانب المادية والتي سوف تتحمل الدولة بكل تأكيد بسببه الجزء الأكبر من الأعباء المادية، حيث سيكون لذلك آثاره الاقتصادية على الموازنة العامة للدولة، فالباقون في مقاعدهم الدراسية للإعادة بلاشك سيكون عددهم كبيرا جدا،
فللأسباب آنفة الذكر ولأسباب أخرى لم أذكرها، وذلك من خلال خبراتي التراكمية وملامستي لواقع أبنائي الطلبة في المدارس بحكم عملي كأخصائي اجتماعي، و تعاملي المباشر مع جميع محاور العملية التعليمية التعلمية: طالب وولي أمر ومعلمين أفاضل،لذلك كله أقول لصناع القرار: ما الضير أن يكون (الجميع) ناجحا من الصف الأول وحتى الثاني عشر بدون استثناء، وتحسب نسب القبول والتسجيل للصف الثاني عشر اعتمادا على نتائج الفصل الدراسي الأول كعام استثنائي في نهضتنا المتجددة؟ أم أننا نسينا أو تناسينا عبورا سلسا وتلقائيا وقاعدة هشة لأبنائنا في مرحلة التأسيس، والتى نعاني منها في الحلقة الثانية والتعليم ما بعد الأساسي، فهناك ضعف عام في أساسيات وأبجديات التعلم (القراءة والكتابة ) وذلك بسبب الأعباء وكثرة المواد الدراسية في مرحلة التأسيس، و كأننا نريد خريجا جامعيا من مرحلته الابتدائية ولم نراع قدرات أبنائنا في هذه المرحلة والتي يجب أن نركز فيها على أربعة مناهج تأسيسية فقط ألا وهي: اللغة العربية واللغة الإنجليزية والرياضيات و مادة الحاسوب بالإضافة إلى الأنشطة الصفية واللاصفية، ويواكب هذه القاعدة الهشة ترفيع تلقائي إلزامي للطالب الراسب سنتين متتاليتين للصف الأعلى والله المستعان. ودائما يكون المحك الأخير والفيصل بين من يستحق عبور التعليم العام ومن لا يستحقه هو مرحلة الدبلوم العام (هذه حقيقة يدركها الجميع).
وقد يسأل مختص أو ولي أمر أو غيرهما: ماذا بعد ترفيع جميع الطلاب للفصول الأعلى؟ وما مصير الدروس المتبقية من الفصل الدراسي الثاني؟ وهي دروس ومناهج تراكمية لا غنى للطلاب عنها في مراحلهم الانتقالية، فأقول له: يمكن استدراك ذلك من خلال تخصيص فترة زمنية مع بداية العام الدراسي القادم يقوم خلالها الإخوة المعلمون بتناول هذه الدروس بطريقة مختصرة ومرنة لا تمثل عبئا على الطرفين شرط أن يوضع لها ضوابط ضمن التقويم المستمر وليس كدروس إثرائية فقط حتى تجد الاهتمام من قبل الأبناء.
لذا عليك يا من تصنع القرار أن تكون مع الأغلبية المستفيدة من قرارك. وفقك الله لما فيه الخير والصلاح لهذا الوطن الغالي، وحفظ الله عمان و سلطانها وأهلها والمقيمين عليها من كل مكروه.
ولله الأمر من قبل ومن بعد …