كُورونا أظهَرت معادنَ المُخلصين في بِلادي
خليفة المياحي
عند المحن تُكتشف الرجال، ومع الازمات يُعرف المخلصين، وعندما يحمى الوطيس في المعركه ضد مرض كورونا ينبري أُناس ما عُرِفُوا..
الكلل ولا اخرهم الملل بل هم في سباق مع الزمن يُراهِنون بالنصر بعد توفيق الله سبحانه وتعالي على جُهدهم ونِضالهم، وفي مَقالي هذا أخصُّ بالذكر أولئكَ الجُنود المجنَّدة من الكوادر الطِّبية بكافة تخصصاتهم، وفي مُختلف ميادين العمل..
وإلى أولئكَ المُتطوِّعين الذين شمَّروا ساعدهم وأظهَروا معدنهم الأصيل ليُشارِكوا فِي كلّ ما من شأنه تخفيف الألم عن المُصابين..
وإنني أحني هامَتي تقديراً واعتزازاً لمَعالي الدُّكتور وزير الصِّحةِ المُوقر؛ فهو قائدُ الميْدان في المَعركة، وإلى مَعالي السَّيد وزير الدَّاخليةِ المُوقر – رئيسُ اللَّجنة – ولكافَّةِ الأعضاء
الذينَ باتَ همُّهم الأكبر هُو سلامة الوَطن وأبنائهِ والمُقيمين على أرضهِ..
نعم؛ فالجميع هُنا بلا استثناء يعرِّض نفسهُ للخطر بهدفِ وقاية الآخرين، فهل من تضحية أكبر من هذه؟!
وهل من مُنافسة شريفة أعمق من هذه المنافسة؟!
وهل لي أن أنسى تكلُّم الأيادي البيضاء من أصحاب الأعمال والتُّجار والمسؤولين الذين بادروا بالدَّعم المادي والمُساندة لمكافحةِ المرض؟؛ فكانَ ولا زال قدوتهم في ذلك مولاي جلالةُ السُّلطان هيثم بن طارق – حفظهُ الله – الذي تبرَّع بعشرة ملايين ريال عُماني، وقد رسم جلالته – حفظه الله – بذلك معالم الطريق لكل من تيسَّرت أحواله؛ فكان نموذج للسَّخاء، وتاج على رؤوسنا جميعاً؛ فبدعمه المادي والمعنوي حفَّز الكثيرين للإسهام والتضحية من أجل الوطن، وعندما دعا جلالته – حفظه الله – أبناء الوطن للمشاركة، فهو بذلك أعطى رسالة مَفادها أن عُمان للجميع، وهي تَسِعُ الجميع، وأن الدفاع عنها من حقِّ كل من ينتمي لتُرابها، ويتنفسُ هوائها،
ويشربُ مِياهها، ولله الحمدُ فإنَّ المُبادرات تتواصل، والمُساهمات لم ولن تنقطع من أبناء عُمان الأوفياء تلبيةً لنداءِ القائد وتأديةً للواجب، وتعاضداً مع المؤسسات المعنية لكبحِ جماح كُورونا..
مع أنني أعدُّ كُورونا كابوساً أيقض مضاجعنا، وآفة بُلينا بها، ونسألُ الله تعالى أن يبعدهُ عنا، إلا أنه في نفس الوقت أظهر معادن الرجال المخلصين في بلادي؛ فنحنُ جميعاً فداء لعُمان، وما من معضلةٍ تحدُث ولا مشكلةٍ تقع إلا وفيها دروس، وبها نتعلمُ كيف تُدار مثل هكذا مشاكل وأزمات بكلِّ اقتدار..
ومع أنه للأسف عدد المصابين في تزايد، وهو مُؤشر خطير، وأودى يوم أمس بوفاة أحد المُواطنين، لكن الأمل يحدوني بأن هلاك كُورونا اقترب، وأن نجمه آفل لا محالة بقدرة الله عز وجل الذي لن يُعجزه شي في الأرض ولا في السماء، وبفضل التوجيهات السديدة لقائد البلاد – يحفظه الله – الذي جعل هذه الأزمة ضمن أولويات اهتماماته، كما نعول على التدابير والاجراءات الاحترازية، وقرارات اللجنة التي كلها تنصبُّ لسلامة المُواطن والمُقيم..
بقيَ أن يكون لنا نحن كمواطنين استجابة حقيقية لتلك النداءات،
وأن نضعُ التعليمات نُصب أعيننا وأن نعملُ بها؛ فذلك هو السبب الذي يؤدي إلى نصرنا ودحر المرض عنا..
ولا شك أن كل منا حريص على أهله ومجتمعه وبلاده، ولم يُطلب منا المستحيل، طُلب منا أن نبقى في بيوتنا دون أن نتكلف شي،
وهذا في حد ذاته حافز لنا لنكون عون للحكومة في مواجهة ومن على شاكلته..
اللهمّ احفظ لنا عُمان أبيّة، واحفظ لنا سُلطاننا وامنحه القوة والعزيمة والتوفيق؛ ليقود سفينة عُمان إلى برِّ الأمان، والله يحفظُ الجميع من كل شر..