الأزمة الاقتصادية العالمية الجديدة 2020… إلى أين؟
د. حسين كاظم الوائلي
رئيس مجموعة ابحاث الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الاستدامة
استاذ مشارك وخبير طاقة – جامعة صحار
نشرنا سابقا في صحيفة النبأ مقال بعنوان ” الازمات الاقتصادية العالمية… وتجربة رائدة بمجال الطاقة في عمان” بتاريخ 28-9-2019 حيث تحدثنا فيه عن الازمات العالمية في عام 2008 و 2014 من حيث الاسباب والنتائج والتجارب المكتسبة والنظرة المستقبلية، حيث ان ازمة عام 2008 بدات في الولايات المتحدة الامريكية وانتقلت الى باقي دول العالم وكان من اسبابها انهيار النظام المصرفي العالمي والبورصات كوول ستريت وغيرها مع سقوط سوق العقارات مصحوبة بتباطيء اقتصادي وانخفاض في اسعار النفط وغيرها،اما ازمة 2014 فكانت مرتبطة باسعار النفط حيث هبط سعر البرميل من 104 الى 75 بين يونيو ونوفمبر من نفس العام مما ادى الى ازمة اقتصادية وتباطيء وشحة في الوضائف وارتفاع نسب البطالة وازدياد تسريح العمالة، وقد اشرنا في تلك المقالة الى توقعات المراكز البحثية والخبراء بحدوث ازمة عالمية جديدة في عام 2020 هذا من جانب، ومن جانب اخر نشرنا ايضا مقال بعنوان “تأثير تقلبات أسعار النفط على الطاقات المتجددة والاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي” بتاريخ 15-9-2019 حيث ناقشنا واستعرضنا اثر انخفاض اسعار النفط على الاقتصادات الخليجية، ونرى من المناسب ان نتحدث باختصار عن الازمة العالمية الجديدة 2020 والتي نعيشها اليوم لاهميتها ولضرورة الوعي بطريقة التعاطي معها.
لقد بدأت الازمة مع اعلان الصين بظور وانتشار فايروس كورونا الجديد والذي يحمل اسم “كوفيد19” بين ديسمبر 2019 و جنيوري 2020، ومع بدء تزايد المخاوف من هذا الوليد الجديد بدأت العديد من القطاعات الاقتصادية تتداعى كقطاع النقل الجوي و السياحة و الاستيراد والتصدير ورافقها هبوط في اسعار البورصات وتباطيء اقتصادي، واستمرت كرة الثلج بالتدحرج بعدما انتشر في اكثر من 100 دولة حول العالم واصاب اكثر من 120 الف شخص حتى اعلنت منظمة الصحة العالمية بتصنيفه وباءً عالميا “جائحة”. وقال رئيس منظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن المنظمة ستستخدم هذا المصطلح لسببين رئيسين هما: سرعة تفشي العدوى واتساع نطاقها والقلق الشديد إزاء “قصور النهج الذي تتبعه بعض الدول على مستوى الإرادة السياسية اللازمة للسيطرة على هذا التفشي” للفيروس. وتجدر الاشارة الى ان المشكلة ليست في خطورة الفايروس ولكن في سرعة انتشاره مع شحة المصادرالطبية والمستشفيات للتعاطي مع اعداد كبيرة من المرضى في جميع انحاء العالم. وكذلك عدم وجود علاج وقلة المعلومات عن الفايروس.
وتجدر الاشارة الى مصاحبة ازمة كورونا بانخفاض كبير في اسعار النفط بعد فشل منظمة اوبيك بالاتفاق على تخفيض الانتاج حتى وصل سعر البرميل 30 دولار ومن المتوقع ان يهبط الى 20 دولار. ان انتشار فايروس كورونا مصحوبا بانخفاظ اسعار النفط ينبيء بازمة اقتصادية عالمية لم يشهد العالم لها مثيل.
وقد اختلف المحللون بين ان فايروس كورونا هو من انتاج الانسان وبين من يرى انه تطور فايروسي ، ومن جانب اخر ذهب البعض الى انه كذبة عالمية واخرين ذهبوا الى نظرية المؤامرة وتسريبه من قبل جهة او اخرى والتي من الصعب بمكان اثباتها، ولكن من المهم بمكان التركيز على الدروس المستفادة والتعاطي بموضوعية والاخذ بنظر الاعتبار ان جميع دول العالم تواجه تجربة جديدة وتتخذ الاتدابير بناء على رؤيتها وتختلف الرؤية من دولة الى اخرى ولا ينصح ان تستنسخ تجارب الاخرين لاختلاف المتغيرات والاولويات والتوجهات.
المتابعة المستمرة من الجهات المختصة لاتخاذ قرارت امر اساسي ولكن الامر الاخر لمنع تفشي الوباء هو على عاتق المجتمع والمواطن وتعاونهم مع الاجهات المسؤلة والارشادات اصبح ضروريا جدا، تجدر الاشارة الى ضرورة العمل بالنصائح التالية:
- نضافة اليدين اساسية وتوفير المواد المقمة في البيت والعمل والمواقع الاخرى التي يرتادها الناس والتعاطي بمسؤلية ومباشرة مع نظافة اليدين، علما ان بعض العادات لابد من ايقافها فورا كالتقبيل عند السلام والمخاشمة.
- مراجعة الطبيب عند الشعور باعراض الانفلونزا مباشرة و الابتعاد عن الاختلاط.
- الابتعاد عن الاماكن المزدحمة و الامتناع عن السفر الى للضرورة القصوى مع متابعة الابناء وافراد العائلة يوميا. كذلك اتباع الاجراءات الوقائية اثناء التجمعات للشعائر الدينية في المساجد والاجتماعية للافراح والاحزان.
- الاكثار من المشروبات الساخنة والتقليل من المشروبات الباردة مع التعرض للشمس.
اذا تعاطينا بمسؤلية مع وباء الكورونا وتعاطينا مع الازمة العالمية الجديدة بموضوعية عن طريق التركيز على الحاجات وان نعمل على التنوع الاقصادي والتحول نحو الاستدامة و الطاقة المتجددة مع انخفاض اسعار النفط والاستثمار في البنية التحتية وانشاء مناطق جديدة للاستثمار وتشريع قوانين وتوفير تسهيلات للاستثمار سيكون له بالغ الاثر الايجابي في التعاطي مع الازمة وباعتقادي ان هذا سيكون ذو بعد ستراتيجي ودعامة للاقتصاد العماني ازاء الازمة الاقتصادية 2020. دمتم بخير