إتقان العمل
محمد بن سعيد بن محمد المكدمي
عقارب الساعة تدور حول جميع أرقامها، ماكثة جزءا زمنياً عند كل رقم من أرقامها، هي الحياة أيضا تدور بنا حول جميع الأحوال، ماكثة عند محطات كثيرة ومتنوعة، وكان لزاماً علينا حسن إتقان الدوران مع عقاربها، كي نصل بر الأمان والسير على فسيح أحوالها والتنعم بخيراتها، ولا يتأتى ذلك إلا بالعمل الجاد، والجهد المتواصل، اللذين تبذل فيهما الطاقة وتسخر إلى ما هو نافع ومفيد، ثم الوصول يقينا إلى بناء الأرواح وصقلها وعمارة الأوطان وتشييدها.
يقول الرحمن تعالى:(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، (التوبة 105).
فإتقان العمل والإخلاص فيه، صورتان للذين يحسنون صنعا، وسببان لخلق إثبات الذات واستقرار الحياة.
كما أن الإخلاص والاجتهاد بالعمل يهب النفوس العلو، ويدفع المجتمعات إلى تحقيق الإنجازات.
عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه”.
فالذي يحرص على كل برهة ينجز فيها عملا ويتقنه بكل ما استطاع إليه سبيلا، هو الكيس الفطن، المنزه نفسه عن صفات ذلك الحاطب ليلا الذي لا يفند الغث من السمين، ولا يكترث لجودة وإتقان العمل والالتزام بمسؤولياته.