تقنية ثلاثية الأبعاد (3D)
أحمد بن سالم الفلاحي
shialoom@gmail.com
تفرض علينا التقنية الحديثة ضرورة، ليست فقط الاستفادة من مجموع الخدمات التي تقدمها لنا، ولكن الاستفادة منها قدر ما تتيحه لنا فرص هذه الاستفادة في جميع مجالات الحياة بلا استثناء، وهذه بالاستفادة بالضرورة أن تكون محورية لتسيير حياتنا اليومية، حيث لا خيار عن ذلك في ظل متغيرات نعيشها بصورة يومية، ونراه تكبر بإنجازاتها على الواقع الذي نعيشه، ولذلك عندما يفوت الجميع: حكومة، مؤسسة، جماعة، فرد، أي من هذه الاستفادات التي توفرها لنا هذه التقنية بمختلف مسمياتها وآلياتها، فإنه بذلك يرجع إلى الخلف فترات زمنية طويلة؛ من شأنها أن تكرس صور الجهل والتخلف، والتراجع مع مستويات الإنجاز التي تنجزها تجارب الدول الأخرى التي ترى في هذه التقنية الوسيلة المثلى لتقديم أفضل الخدمات لجميع المستفيدين، ولذلك نرى في كثير من التجارب الإنسانية أو الدولية؛ أن الفرد يكون متقدما في استخدام التقنية أكثر من المؤسسات التي يتعامل معها لقضاء مختلف حاجياته، ومن هنا يحدث “قطع” أو هوة في المعرفة بين المؤسسة، وبين الفرد الذي تتعامل معه، وهذا القطع كثيرا ما يؤثر في هذه العلاقة بين الطرفين، ويعطي فرصة كبيرة للنقد القاسي في كثير من الأحيان، وهو نقد له ما يبرره، حيث أن الحياة قائمة على هذه التقنية في مختلف خواصها ودهاليزها الدقيقة.
يتمحور الحديث هنا حول تقنية ثلاثية الأبعاد، وهي التقنية التي بـ:”التقنية التي تمكن المشاهدة من الرؤية للأبعاد الثلاثة عن طريق إيهام الدماغ والعينين بأن الصورة المشاهدة لا تكن محصورة في الأبعاد الثنائية، وإنما تكون ممتدة إلى الأبعاد الثلاثية بإضافة العمق إلى الصورة” – انتهى النص – فالبعد الثنائي هو البعد المعتاد لمشاهدة الصورة، ولذلك ترى جانبا واحدا للصورة لا غير، أما في هذه التقنية فإن الرؤية تختلف جدا، ويقينا اليوم معظم الناس يعرفون هذه التقنية ويعيد توظيفها في كثير من الممارسات، فصالات السينماء اليوم – على سبيل المثال – توزع نظارات لمرتاديها لمشاهدة كثيرا من الأفلام، لزيادة المتعة في المشاهدة،وشخصيا شاهدة أكثر من برنامج سواء في العلوم، أو في الطب، يستخدم فيه المعنيون هذه التقنية للولوج إلى خبايا الأجسام المختلفة لمشاهدتها على طبيعتها، وقبل يومين كنت أشاهد برنامجا تلفزيونيا يذكر كيف توظيف تقنية “ثلاثية الأبعاد (3d)” في المسرح، حيث لم تعد الضرورة أن يستخدم في المسرح الديكورات وغيرها وهي المكلفة بالطبع، وإنما تسليط الإيحاءات الضوئية بهذه التقنية لتظهر في الجسم المقابل “الحائط” كل المشاهد والمؤثرات الصوتية، كما يفترض هذا التقرير أنه لن تكن هناك ثمة ضرورة لوجود مسرح حقيقي وممثلين، وإنما يمكن أن يلبس كل الحضور في مكان العرض، ولو كان في الشارع، النظارة الخاصة بـ “ثلاثية الأبعاد (3d)” فيعيش كل أجواء المسرح بما فيه من ممثلين وغيرها.
وقبل يومين أخذت ابنتي الحسنى الى إحدى محلات الألعاب التي تستخدم هذه التقنية لبعض الألعاب فيها، فعاشت كل المغامرات الخطيرة: كمغامرات قطار الموت، والشاحوب والخاصة بالكبار، بأدق تفاصيلها وهي جالسة على كرسي على الأرض، فقط مرتدية نظارة “ثلاثية الأبعاد (3d)” دون أن تكلف نفسها ركوب هذه الألعاب الخطيرة جدا، وكما تشير بعض التقارير الخاصة بهذه التقنية إلى أنه قريبا سوف يتحول العلاج من الجراحة المباشرة للجسم إلى الجراحة عن طريق هذه التقنية بحيث يكون المريض مستلقيا على السرير، والطبيب في المقابل يجري عملياته الجراحية عن طريق جهاز الحاسب الآلي، دون أن تسقط قطرة دم من المريض.
يرى البعض أن في مثل هذه التقارير مبالغات، أو حلاما، ولكن الواقع يؤكد الكثير من الحقائق التي تنجزها التقنية الخاصة بـ “ثلاثية الأبعاد (3d)”.