ما الصداقة؟
زينب عبدالرحيم
قبل الشروع في كتابة أية مقالة عن موضوع اجتماعي أقوم بالبحث والتنقيب عن بعض الدراسات و النظريات التي تناولت هذا الموضوع بشكل علمي بعيدا عن الأمور العقائدية و أيضا العاطفية وبعيدا عن أي أهواء شخصية ، فوجدت ندرة ملحوظة في الأبحاث والدراسات التي تبحث في معنى الصداقة وكيف أنها تشكل علاقة اجتماعية وأيضا تكوين الصداقات بمثابة مهارة لا يجيدها الكثيرين فكيف لا تهتم الدراسات الحديثة بمثل هذه العلاقات التي تنشأ مع الإنسان منذ الطفولة وتجاوره في جميع مراحل تعليمه فالصداقة علاقة تلقائية تنشأ بين طريفين أو عدة أطراف مكونة نسيج اجتماعي ينتج عنها ارتباط نفسي واجتماعي بين هذه الأطراف ومن الممكن أن نطلق على من لا يجيدون إنشاء مثل هذه العلاقات انطوائيون ، فمفهوم الصداقة أصبح مساو للتواصل الاجتماعي والعلاقات التفاعلية بين الفرد ومجتمعه ولكن هذه العلاقة التفاعلية المسماة بالصداقة ليست بهذه التلقائية الساذجة في كثير من الاحيان إذ تنطوي على العديد من العوامل السيكولوجية النابعة من الوعى واللاوعي للأطراف المتفاعلة فنلاحظ العديد من الأطفال عندما يكونون صداقات جديدة يتأثرون ويحاكون بعضهم البعض بشكل كبير وملحوظ فالطفل في المراحل العمرية الأولى يعتمد بشكل أساسي على المحاكاة والتقليد ، ولكن تأتى براعة الأسرة في الملاحظة وحسن التعامل مع أي متغيرات قد تطرأ على سلوكيات طفلهم ، ربما قد تنطوي على شيء من الغرابة أو على أحسن تقدير تغيير في سلوكيات الطفل نحو الأفضل ! ويبدو أن هناك فرق بين الأصدقاء ، والزملاء الذين يجمعنا بهم مكانا واحدا ولكن العلاقة تبدو سطحية ولكن من الممكن ان ينتج عنها بعض من أفعال التنمر ،المنطلق من الغيرة أو ربما لسوء في مستوى التربية التى نشأ عليها الطفل المتنمر فدور الأسرة غاية في الأهمية والخطورة ، وهناك العديد من وسائل الدفاع عن النفس و التوعية ضد التنمر و من المفترض أنها منتشرة ،ولكن الشيء المستغرب لماذا أنتشر التنمر بين زملاء المدرسة و الجامعة والعمل بل ووصل الأمر إلى التواصل الاجتماعي فقد أصبح منبرا للتنمر احيانا على سبيل المزاح ثقيل الدم و احيانا آخري عن عمد وبأبشع الألفاظ و التعبيرات ،والتي ان دلت تدل على فئات في المجتمع تحتاج إلى إعادة التأهيل والتأديب .
وعلى ذكر التأديب الذى أصبح عملة نادرة كان العباسيون و الأمويون يجلبون إلى أولادهم المؤدب وهو معلم مختص في تعليمهم محاسن الخلق والكرم و النبل والخصال الكريمة وكان هذا المؤدب له مكانته المرموقة والرفيعة ،فلابد من إعادة النظر في هذه الوظيفة لما لها من أهمية قصوى في هذه الأيام ولكن على من يريد أمتهان مهنة المؤدب فعلية أولا أن يتأدب.