تتدافع علينا الأحداث .. فلا نحتمل!
أحمد بن سالم الفلاحي
shialoom@gmail.com
لن يمر يوم علينا إلا ونمتحن في إراداتنا، وفي معارفنا، وفي قناعاتنا، وفي هدوئنا، وفي تعقلنا، أحيانا، ومن يقوم بهذا كله؟ هي هذه الأحداث المتتالية عليهم، فما أن يفرغوا من واحدة حتى تأتي الأخرى أكبر منها حجما، وأكثر منها اتساعا، وأعمق منها تأثيرا، وعلى المتلقي “الإنسان” أن يعيش مأزق هذه الأحداث كلها على تفاوت درجاتها، وعلى اختلاف نتائجها، وعلى الرغم من الخبرة الكبيرة للإنسان في هذه الحياة، إلا أنه كلما يصادف حدثا صعبا، يجد نفسه أنه أمام تحد جديد بالنسبة له، ولم تشفع له كل هذه السنين في القدرة على تجاوز كل هذه الأحداث المتهاوية إليه من كل حدب وصوب، حيث تفقد الأزمة إدارتها على الوجه الأكمل، وبالصورة التي تعفي هذا الإنسان عن الوقوع في مظان القضايا؛ صغيرها وكبيرها، فسبحان الله.
نتعرض وبصورة مستمرة لأحداث قاسية على مستوانا الشخصي، ونحزن كثيرا، وربما يغالبنا الضعف، أننا الوحيدون الذين تتكالب عليهم الظروف، وننسى المقولة المشهورة “من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته”، وعليه أن يحمد الله على أنه بخير مقارنة بما يرى، وبما يعيش، وبما يسمع، ولعل الكثيرين منا من مر عليهم مشهد رجل أو مرأة بلا أطراف، ومع ذلك يعيشون حياتهم الطبيعية، يأكلون، ويتحممون، ويشربون، ويمارسون الكثير مما يمارسه الناس الأصحاء، حتى يخجل أحدنا من نفسه، عندما يطلب أبسط الخدمات من الآخر لكي يؤديها عنه، في صورة من الإتكالية الممقوتة، ومن العجز المذموم، وكأن الحياة لم تخلق إلا في صورة واحدة، على الرغم كل ما حولنا ينبئنا أن هناك ثنائية متكررة في كل ما حولنا تعكس لنا جوانب كثيرة للبحث عن مخارج عديدة لأية قضية قد يمتحننا القدر فيها.
وفي المقابل ننكر على الكثيرين جهدهم، ونراهم، وفق تقديرنا للأشياء؛ ونظرتنا القاصرة إليها، على أنهم يغالون في الفعل الممارس، وأن الحياة لا تحتاج إلى كل هذا العناء، والبساطة التي تغلف كثيرا من صور حياتنا تتيح لنا فرصة عدم التعقيد في التعامل معها، وفي ذات اللحظة نقيم أي مشكلة تواجهنا على أنها من التعقيد ما يصعب التعامل معها، أو تجاوزها، وفي ذلك تناقض جوهري نمارسه على أنفسنا بصورة آلية، وديمومة مستمرة، فهل مرد ذلك الى الحالة الثقافية التي يعيشها أفراد كل مجتمع على حدة، أم أن المسألة هنا خاضعة للحالة الفردية على حدة دون تعميم، أم أن منشؤها التربية الاجتماعية الممتدة من الأسرة إلى المدرسة وصولا بالمجتمع الكبير الذي تختلط فيه الثقافات، وتتداخل فيه التجارب، وتتمايز فيه النتائج، وأتوقع كل ذلك حاضر في الحالة الاجتماعية، ومن هنا ترى الفرق في التعامل مع الأزمة بين مجتمع وآخر، فهناك شعوب – على سبيل المثال – عندما تكون المسافة الفاصلة بين المنزل ومكان العمل، تراه بكل سهولة يمتطي درجاة هوائية حاملا حقيبته على ظهره، فلم تشكل عنده وسيلة النقل هاجسا مقلقا عن الوصول إلى جهة عمله، أو الى سوقه، أو حتى إلى مكان نزهته، بينما ذات الصورة تشكل هاجسا مقلقا على درجة كبيرة الحساسية عند شعوب آخرى، “معقول أركب دراجة هوائية، وعندما يروني الناس، ماذا يقولون: فلان راكب دراجة هوائية” إنها قمة الفضيحة.
هذا مثال من كثير من الأمثلة التي يقف فيها أصحابها مرتبكين عن وجود حلول لقضاياهم، ومشاكلهم، والحلول البسيطة التي يستعيضون بها تظل حلولا مؤقتة، ولا يمكن أن تؤرخ مناخا آمنا للأستمرار على قوة اليقين في التعامل مع أية أزمة أو قضية، أو مشكلة، برجاحة العقل والحكمة، وبنور المعرفة، وبتوظيف الخبرة.