الأرض تموت.. أين أجهزة الاستمطار؟
طالب المقبالي
اعتمد الإنسان العماني منذ قديم الأزل على الزراعة في توفير قوته اليومي، فلم تكن هناك صناعات ولم تكن هناك واردات إلا ما ندر، ولم تكن هناك مواد غذائية تصل إلى البلاد عدا الأرز والبن.
وكان الاعتماد على زراعة النخيل بأصنافها من أجل إنتاج التمور إلى جانب زراعة القمح والبر والشعير والبقوليات والليمون وبعض الفواكه، وكان الاعتماد في ري المزروعات على الأفلاج والآبار الجوفية.
إلى جانب ذلك كان الإنسان العماني يعمل على تربية المواشي كالإبل والبقر والأغنام والدواجن لتوفير اللحوم الحمراء والبيضاء، إلى جانب صيد البحر.
فكان هناك اكتفاء ذاتي إلى حد ما من الإنتاج المحلي لتوفير مستلزمات المعيشة. ومع بداية عهد النهضة المباركة التي انطلقت مسيرتها في عام 1970 بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله، بدأت البلاد تنفتح تدريجياً وبدأ الاستيراد ينشط، وبدأ التبادل التجاري يزداد يوماً بعد، فوجدت الوظائف، وبدأ الناس يتجهون إلى الأعمال التي تتطلبها مسيرة التنمية خاصة فئة الشباب.
ومع هذا بدأ يقل الاهتمام بالزراعة، وبدأ الاعتماد يزداد على المستورد أكثر، إلا أنّ هناك من حافظ على مهنة الزراعة وخاصة الاهتمام بالنخلة التي حافظ الإنسان العماني عليها واستمر على زراعتها لما تحققه من منتوج وعائد كبير يعود بالنفع على المواطن، إلى جانب الدعم الذي يلقاه هذا الجانب من اهتمام من قبل الحكومة الرشيدة من أجل التشجيع على مهنة الزراعة والحفاظ عليها.
ولعلّ ما ينغص مهنة الزراعة وخاصة هذه الأيام تقلبات الطقس ونضوب المياه الجوفية، ففي الآونة الأخيرة قلت الأمطار وجفت الآبار والأفلاج وماتت النخيل وباقي المزروعات، وقد هجر السكان بيوتهم وقراهم للانتقال إلى المدينة التي تتوفر فيها شبكات المياه من أجل الشرب والاستعمالات المنزلية.
فمنذ سنوات والمواطن يأمل في حل مشكلة الجفاف من خلال الأمطار التي ستجلبها أجهزة الاستمطار التي سمع عنها كثيراً، ومع ذلك فالأمطار شحيحة، فهل حققت أجهزة الاستمطار نتائج ملموسة على أرض الواقع عدا ما نسمع ونشاهد من تقارير أعدتها الجهات المشرفة على هذا المشروع. ومن خلال بحثي عما نشر في الصحافة ومختلف وسائل الإعلام والإنترنت، وجدت أن سلطنة عمان دخلت في مجال الاستمطار الصناعي في العام 2013 عبر خطة طموحة تستهدف إنشاء 12 محطة للبواعث الأيونية، وهي الطريقة التي اعتمدها المختصون لأجل تعزيز كميات الأمطار عن طريق إطلاق أيونات في ظروف مناخية ملائمة. وتوفر هذه الطريقة بحسب المختصين الجهد والمال وتحقق نتائج إيجابية تتلاءم مع طبيعة البيئة المناخية في عمان. ومن خلال قياسات مستوى هطول الأمطار بعد تشغيل 4 محطات تبين زيادة كمية المياه بمعدل 18.5% خلال العام 2014 وهو ما يؤشر إلى نجاح التجربة ويدفع بالجهود الحكومية إلى استكمال الخطة خلال السنوات القليلة المقبلة”.
الفقرات المقتبسة السابقة تشير إلى نجاح التجربة وأنّ أجهزة الاستمطار قد حققت النجاح المطلوب، لكن على أرض الواقع هناك جفاف للأفلاج والآبار، وموت جماعي للمزارع والنخيل، وقبل أيام أقام الأهالي صلاة الاستسقاء في سمد الشأن بولاية المضيبي، وقبل يومين أقام أهالي ولاية العوابي بمحافظة جنوب الباطنة صلاة الاستسقاء، مما يدل على أن هناك مشكلة وشحا في هطول الأمطار، وهنا يبقى السؤال مطروحاً “أين الدور الذي تقوم به أجهزة الاستمطار؟ “.
muqbali@hotmail.com