من ذكرياتي الماضية
يعقوب بن حميد بن علي المقبالي
من المعلوم أن لكل إنسان مواقف مع هذا الزمان وقد بدأت رحلتي عام ١٩٧٥م حيث أنني من سكان وادي بني هني فكنت قبل ذلك أدرس في مدرسة القرآن الكريم عند المعلم علي بن مسعود المعمري رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته، وكان المعلم كفيف البصر ولكن من حفظة القرآن الكريم في زمانه وقد جاء عام ١٩٧٠م وتولى جلالة السلطان قابوس المعظم حفظه الله وكنت من صغار اولاد الحارة فأتذكر آنذاك عندما تكون هنالك مناسبة وطنية يتم توزيع الصدقات حيث يقال هذه من عند قابوس.
وفي عام ١٩٧٥-١٩٧٦م افتتحت أول مدرسة بقرية الزواجر بوادي بني هني بولاية الرستاق مبنية بالمواد الغير الثابتة وكنت أنا من اَلكوكبة الأولى التي دخلت المدرسة مقيد بالصف الأول الابتدائي وكنا نذهب إلى المدرسة بواسطة الحمير نغدوا ونأتي على ظهورها.
وبحكم ظروف المعيشة لم أكمل دراستي آنذاك، درست حتى الصف الخامس الإبتدائي فقط، وخرجت من المدرسة وتوجهت إلى ميدان العمل وتم قبولي في إحدى المؤسسات الحكومية بولاية ثمريت بمحافظة ظفار وذلك في منتصف شهر ديسمبر من عام ١٩٨٠م، وكان لا توجد في ذلك الوقت وسيلة إتصال إلا عن طريق الرسائل التقليدية فقط وصلتني رسالة من والدي رحمة الله عليه عن طريق شخص من أقاربي كان يعمل في مدينة صلالة فأستلمت الرسالة وقرأتها وفهمت بما تحتوى تلك الرسالة التي وردتني من والدي وأردت أن أكتب ردها ولكن لم أستطع لسوء فهمي بالكتابة فطلبت من أحد الزملاء الذين يسكنون بجانب سكني أن يعلمني كيف أرد على تلك الرسالة بما إنها اول رسالة أتلقاها او أن يعلمني كيفية الكتابه قام يماطلني بوعود غير صادقة أي بمعنى إن جاء الصباح يعدني بالمساء وإن جاء المساء يعدني بالصباح .
وبعد أن مللت من مواعيده جلست مع نفسي في السكن وأول ما خطر على بالي أين يذهبون هؤلاء كل مساء؟ ففكرت أن أواصل دراستي فقلت في نفسي إن شاء الله غداً عند الساعة الرابعة عصراً أكون جاهزاً مع وصول الحافلة التي تنقل زملائي من أمام السكنات، فلما جاء ذلك الوقت إلا و انا جاهز وخرجت من السكن مع زملائي المنتظرين لتلك الحافلة.
فوصلت الحافلة وركبت معهم الحافلة فوجهوا لي سؤالاً والحافلة تمشي بنا إلى أين أنت ذاهب يا يعقوب؟ فأجبتهم إني ذاهب الى والي القم أي بمعني المكان الذي تتواجد فيه المدرسة ومكتب سعادة والي ولاية ثمريت ومركز الشرطة وبعض من مكاتب الخدمات الحكومية وسوق ولاية ثمريت.
وصلنا مقر المدرسة والتي تحمل اسم مدرسة جابر بن حيان فنزلت مع النازلين إلى المدرسة فطلبت من زميلي ان يدلني على مكتب مدير المدرسة فأشار لي لموقع المكتب فتجوهت إليه وألقيت السلام على مدير المدرسة وكان من الجالية السودانية وأخذنا نتجاذب أطراف الحديث، وطلبت منه أن يسجلني بالمدرسة حيث قلت له أن لدي رغبة ان أواصل دراستي فرحب بالفكرة وطلب مني إحضار آخر شهاده لدي.
فأجبته ياأستاذي انا من سكان الشمال جئت هنا لأعمل واجازتنا بعد ثلاثة أشهر نقضيها فالجنوب ونعود إلى الشمال في إجازة مدتها عشرة أيام فقط، ولكن قال لي هذه هي تعليمات وزارة التربيه والتعليم يجب أن نطبقها وعليك إحضار الشهادة ونسجلك في سجل طلاب المدرسة ونرسلها إلى المديرية العامة للتربيه والتعليم بصلالة، طلبت منه ان يسجلني وانا سوف أهتم بإحضار الشهادة، فسجلني وسلمني كتب الصف السادس الإبتدائي فمشى امامي إلى الصف وقال للمدرس هذا واحد من الطلبه.
نعم استمريت في الدراسة لمدة شهر وحاولت مع المسؤولين ان يساعدوني ان أذهب الى البلد فتمت الموافقة على إجازتي لمدة بسيطه لأحضر شهادتي أحضرتها، وعدت إلى ثمريت وعدت لكي اواصل دراستي فسلمت مدير المدرسة تلك الشهادة وأستمريت ادرس واسأل عن أي شي يتعلق بالدراسة.
اخذت اقرأ أي شيء أمامي من جرائد ومجلات، كما أنه كان في مقر عملي يوجد مكتبة بها جميع الكتب ويحق لنا الإستعارة منها فبقيت استعير الكتب واقرأها والحمدلله استطعت ان ألم إلماماً تاماً بالقراءة والكتابة.
واصلت دراستي حتى الصف الثاني إعدادي آنذاك أما اليوم يطلق عليه الصف الثامن، وفي عام ٢٠٠٦م صدرت توجيهات في عملية تقفيز اي أن الشخص الذي لديه الصف الثاني اعدادي يّقفز إلى الثانوية العامة و حصلت على الثالث الثانوي اي الثانوية العامة.
إن مراحل الدراسة كانت سابقا ثلاث مراحل (الإبتدائي والإعدادي والثانوي) اي بمعنى الإبتدائي ( من الصف الأول إلى الصف السادس الإبتدائي) المرحلة الإعدادية من( الصف الأول الإعدادي إلى الثالث الإعدادي) و المرحلة الثانوية من ( الأول الثانوي إلى الثالث الثانوي) .
والإنسان لابد أن يعزم ويُصر على فعل ما هو خير له ولوطنه وأمته فسبحانه وتعالى سيوفقه لما فيه الخير والصلاح والفلاح، فعلينا جميعا أن نستغل تلك الموارد التعليمية وأن لا نيأس ولا نقيدها بعمر إفتراضي فالعمر هو عدد فقط، فنسأل الله التوفيق وأن يحفظ وطننا عمان وأن يديم على مولانا جلالة السلطان الصحة والعافية وأن يحفظه برعايته وعنايته.