وللرسالة هدفٌ أسمى
يوسف بن راشد بن عبيد البادي
هكذا حينما يتخِذُ من الكتابةِ أسلوباً أكثر حياة وصحة ومِرآة تُلامس الواقع، وكما يحاول الإنسان جاهداً أن يمحور ثنايا أفكاره وخياله بالماضي، ليس كونه متحجراً في تلك الدائرة التي لا محال لخيارٍ آخر. أليس كما نسمع بأن قوة المستقبل في ماضيه! نعم ولأسبابٍ عدة، فالتعلّق بالماضي الجميل، الذي نَشَأَ وتكوّن بنائه من العَرَقُ والجبين، الماضي الذي لا يترك لنا مجالاً آخر إلا الافتخار به. والأمرُ الآخر والذي يحب المرء أن يشُد من أزره كي يقوى ساعديه على حمله، قلماً! حاضراً ومستقبلاً، القلم الذي يدفع بالمساحات أن تتشبث بالجزئيات وبمواقعها الفعالة. وكما هو معروف أنّ للإنسان ثلاثة مستويات لتركيبته الخلابة: القلب والجسد والعقل.
أما فالقلب فهو مكنون الأسرار مفتاح المحبة للأشياء. والجسد هو حلقة الوصل بين القلب والعقل، فالجسد كما نحب أن نفسر ذلك في العلم الفيزيائي هو المادة التي تنتقل من خلالها جميع الرسائل ككريات الدم حاملةٍ معها الغذاء والإشارات الدلالية بالأمر حركةً وقولاً. أما عن العقل فهو الجانب الذي يُميز بين قرارٍ صائبٍ وناءٍ، معبر الامان، القرار الذي يعطينا مسلكاً لا يحط من شائننا بل رفعةً وسلامةً.
القلب والجسد والعقل، المحاور الثلاثة التي لا يُمكن أن تزعزع بشكل أو بآخر؛ لأن هدية الخالق -جلا جلاله- هديةٌ متكاملة، لا هي قابلةٌ للنقصان ولا أنتم وأنا نقبل النقاش والجدال في أي جزء مننا، لا توجد استثناءات عندما يتعلق الأمر بالتكاملية والتوازن وشريان العمود الحياتي، لا شريان يتقرب للسرطان الذي إن تعرّض ولو لدرجة من القرابة لهذا الجمال الإلهيّ لأصابه الخوف والفزع. فالروح هي من نفخ الإله في تكويننا في تركيبتنا التي هي من صنع الخالق، فالروح التي عند الخالق ليس هي التي عندنا، التي عندنا هي كاملة متكاملة بنسبةٍ نستطيع أن نتحملها، فهي متوازنة بالنسبة التي لا يمكن أن نقارنها أبداً بالروح الإلهيّة.
فالتدرج في هكذا فكرة، أو الإيمان الصباحي الذي يلهم الأعماق التي توجد به الأفكار، الأفكار التي تتحلى وتتجلى بالطاقة الإيجابية والمتجددة. هو ذلك الأمر نفسه بالنسبة للكتابة، تحتاج حواسك كلها متمثلة بمركزها وانطلاقتها الثلاثية: القلب والجسد والعقل، كي تبقيك في مسرى صادقٍ وامين مع عطائك. ولكي لا يشوش عليك ايةُ شائبةٍ ولأي عائقة كانت. آنا الوقت الوعي للمعطيات الخارجية التي من الممكن أن تُذبذب من مسارك متمثلة بالأفعال التي تُخالف الأقوال والعقول، كذلك المرض الذي يُشرح في فلم سينمائي Brain on Fire عندما عقلك وجسدك يتفاعلان في مسارين مختلفين مما يؤدي إلى اطرابٍ حقيقي، بينما قلبك يتمنى التفاعلية الأوليةِ والأبديةِ التي منحنا الله إياها.