حينما يكون الحلم عُمان
حمود بن علي الحاتمي
بينما كنت قد أنهيت ورشة تدريبية ويممت الوجهة إلى مسقط وتكون إذاعة الشباب هي رفيقي المعتاد وإذا بي استمع إلى لقاء حول نتائج جائزة السلطان قابوس والمتحدثة هي زكية اللمكية بنبرة بكاء فرحية عقب فوزها بالمركز الثاني بجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي وطرت فرحا وكيف لا افرح والرستاق تفوز بجائزتين للعمل التطوعي أبطالها المتوجين هما : زكية اللمكية لمشروع متحف البيت الغربي وسليمان الشكيلي لدوره. الريادي في العمل التطوعي .
المذيع يسأل زكية حول فوزها بالجائزة وهي
تتحدث وبكاؤها يسبق كلماتها غير مصدقة هذا الحلم الذي أنتظر خمس سنوات كي يتحقق.
قد أكون صادقا لم أدخل متحف بيت الغربي حتى هذه اللحظة ولكنني أعرف عنه الكثير من خلال عرضه في مناسبات عدة ولقائي بها وبأخيها بركات اللمكي وحماسهما في الترويج عن المتحف .
كنت أظن أن المتحف لا يعدو أن يكون مشروعا عائليا ولتجسيد حياة أسرة متدينة في قرية قصرى بالرستاق على فترات متفاوتة .
ولكن سردها الصادق في لقائها العابر لإذاعة الشباب فاجأني بهمة وطنية عالية في شخصية زكية اللمكية وهي تسرد مكونات البيت الذي يمتد عمره لأكثر من ثلاثمائة سنة وهو لجدها الشيخ راشد بن سيف اللمكي أحد أعلام العلم بالرستاق .
وتحكي تفاصيل مكونات المتحف الذي يجسد البيت العماني ومرافقه .
أكثر ما يلهم هو اعتمادها الذاتي في إعادة ترميمه ومحتويات أثاثه التي عملت على توفيرها .
والخدمات التي يقدمها المتحف لزواره من استوديو تصوير وملابس عمانية رجالية ونسائية من أجل التصوير.
كانت تزاحمني أسئلة في خلدي هل حقا أن زكية كانت تريد أن تحيى ذكرى جدها وكفى ام أن هناك أسباب أخرى .
في الحوار الذي لم يستغرق أكثرمن خمس دقائق حمل الكثير من الحقائق المدهشة
حيث أكدت أن المشروع هو إحياء التراث العماني وأن سيرة جدها هي جزء من هذا التراث والتمويل وما أدراكم ما التمويل .
لك عزيزي القارئ أن تتخيل أن زكية اللمكية لا تعمل في أي وظيفة وهي مع ذلك تقوم بترميم البيت بتمويل ذاتي .
أنا أعرف مكان البيت الغربي وكان متهالكا في حارة قصرى التي تضم بيوت أخرى متهالكة ولكن بالاصرار جعلها تحقق حلمها.
فوز زكية الرستاقية بهذه الجائزة يجب أن يدرس.
و حينما نغوص في تفاصيل المشروع نستخلص عبرا
ومنها أن الاهداف تتحقق بالعمل وليس بالاحلام والتمنيات وأن الإرادة تحطم الصعاب فكيف لسيدة لا تعمل على ترميم منزل كبير وتزويده بمحتويات بيت عماني قديم وهي ليس لها دخل ثابت من وظيفة
وكيف لها أن تمول تطوير المتحف والدخول بالمجان .!!
أين هم من يدعون الوطنية؟ أن يتعلموا من سيرة بناء متحف زكية أن الوطنية ممارسة وليست شعارات .
حينما يكون الحب هي عُمان فإن الصعاب تذهب
حينما تكون عُمان هي حاضرة في دواخلنا فإن الانجاز أسرع
حينما تكون عمان هي الأم التي نبر بها فإن الأحلام تتحقق .
فحق لزكية أن تبكي فرحا في مشهد تسلمها بجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي وحق لها أن تبكي فرحا وهي تسرد تفاصيل حكاية متحف البيت الغربي في إذاعة الشباب.
دمت أيتها السيدة الرستاقية عطاء وإخلاصا لعمان .