مونولوج
هالة الحراصية.
تدخلُ الشرفة في انهيار يقظة مجاذيبِ الطريقةِ المُلغمة بسيمياء لا تقبلُ الحل ، بل تُمسك بها مسكةَ الظل لتموجات صولجانٍ يبيعُ الصوت للشارع ؛ فيولدُ الليل من الرُدهة ، يولدُ في القلب الصغير الذي يتساقطُ منه الحُب والمطر كنزيفِ الألوهة .
أسميهِ السقوط الذي يُرتب النسيان شيئًا فشيئا عابرًا غفران الفلسفة لثورة ألف بركان ، حاملًا فكرة الغد الخالي من الغد .
كم كان صعبًا إقناع هذه الفكرة بأن كل الخلو الممتلئ بمعناه هو سيرةُ الفراغ لا الامتلاء ، وأن الغبار المتناثر من حكاية المصباح الوحيد هنا ليس عنبًا ، وأن في نهايةِ المواعيد مع المقعد الفارغ لن نتمكن من تذوقِ مجازات رواسب القعر وقد انكسرَ الفنجان .
ومضينا بعد هذا اللاوضوح الجليّ ورائحة الياسمين المأهول بالصمت هي الدليل ، نأخذ شكل الذنب المرصعِ بالبكاء ، شاردين كعارِ التزويرات الصغيرة الهاربة من تفقدِ الزوايا ، نلجُّ إلى آخر شمعة ونحمل سؤالًا لطائر يستريحُ على رصيفِ قصيدة عن وتيرة الريش ونحن لا نجيد الزقزقة ،هذا النحيب يا قلبي ليس زقزقة بالطبع وكم خدعنا الوهم .
أسأل هذا الليل : هل يتركُ المجهول أثرًا في الذاكرة ؟ هل يؤرخ الوجع بسردية الليمون التي تكتبُ الجرح في دورانِ الأمام والوراء ثم يخرجُ النص أخضر ؟ هُنا كم كان يجرحنا الخيال وكم بقينا عالقين في القوالبِ الجاهزة فلا سيرة للون إلا ما أملتهُ علينا النظرة الأولى .
ربما هذا ليلٌ جديد من فصلِ الهروب منكَ يا قلبي ، أقول كم هذا الحُب ثقيلٌ جدًا ، وكم كنت ساذجةً حين أسميتهُ بأسماء الأغنيات حتى حين ضاع مني كان مسموعًا ، يدقُ باب النشيد ويرسم للروح شكلًا ، هي حجرٌ في النهر ، وهي النهر تارةً أخرى ، يسرقُ صفات أمي ، يغسل سطح عينهِ بدمع الوطن ، يسيرُ بنا كأنه الزقاق والطرقات والسكك الحزينة ، يقيدنا ، يحررنا ،يجددنا ، يمحينا ، يكتبنا ، يحملنا للانهاية من كل حقيقة ، يقفز بنا بالتناوب بين الشيء واللا شيء ولا نغضب ولا نعتب ، فقط نقف على الشرفات دائمًا ونكتب ونخرجُ من كل سطر كالخارج من فوهةِ القتل نبحث عن القضية التائهة فندان في رحلةِ تقمص العدالة يقتلنا هذا الدور في خشبةِ الاعتراف فنجبرُ على القول : نحنُ القتلة الذين علقنا التفنيد في جدار اللاوعي و رحنا نستنجدُ بغباءِ القاضي .