رؤية عُمان 2040: برنامج الطاقة المتجددة
الجزء الثالث - الطاقة الشمسية/الرياح والرؤية
د. حسين كاظم الوائلي
رئيس مجموعة ابحاث الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الاستدامة
استاذ مشارك وخبير طاقة – جامعة صحار
من المناسب تعريف القاريء الكريم ان هناك تقنيتان رئيسيتان تستخدمان تحت مظلة الطاقة الشمسية هما الخلية الشمسية
“الضوئية” و المجمع الحراري الشمسي. اما الأول فيقوم بتحويل أشعة الشمس إلى طاقة كهربائية بينما تسخن الأخيرة السوائل والهواء
باستخدام حرارة أشعة الشمس لتوليد طاقة حرارية، وكلا التقنيتان تستخدم الطاقة الشمسية للتطبيقات المنزلية والتجارية والصناعية
بل وتتعداها لتشمل تجهيز المدن بالطاقة. ومع ذلك تغطي كل طريقة جزءًا من الطيف، حيث تغطي الألواح الضوئية (PV) الطيف
المرئي بينما يغطي المجمع الحراري باقي الطيف الشمسي. وقد اقتراح العلماء والباحثين فكرة ابتكار منظومة جديدة هجينة تحوي كلتا
التقنيتين في وحدة واحدة – وهو ما يعرف باسم – مجموعة الطاقة الشمسية الحرارية الضوئية (PV / T). ويعتقد العلماء ان مستقبل
الطاقة الشمسية سيكون باستخدام المنظومة الجديدة، تجدر الاشارة الى ان هناك بحث في هذا المجال يجري في جامعة صحار وقد
تم تصميم العديد من المنظومات الهجينة من قبل طلبتنا وتم اختبارها في الاجواء العمانية وقد اثبتت الابحاث ان مستقبل المنظومات
الهجينة واعد خاصة بالنسبة للمناطق الريفية في عمان. وحيث ان ابحثانا السابقة حول توليد الكهرباء باستخدام نظام شمسي متصل
بالشبكة في عُمان يعد أرخص تكلفة من استخدام الغاز الطبيعي (بدون دعم حكومي) فممكن ان تاخذ المنظومات الهجينة المربوطة
بالشبكة الكهربائية حيزا مهما في القادم من الايام ولاسيما في التطبيقات الصناعية. كذلك اشارت الابحاث العلمية التي اجريناها عن
طاقة الرياح في عمان بالاضافة الى العديد من الابحاث والدراسات التي اجراها العديد من زملائنا الاكاديمين والتي تعتبر جدا مهمة والتي
غطت اهم المحاور في هذا المجال أن طاقة الرياح والمنظومات الهجينة شمسية /رياح تعد واعدة في عُمان ، خاصة في جزيرة مصيرة
والدقم وصلالة وجنوب عمان.
لقد اخذت المنظومات الشمسية الكهروضوئية المتصلة بالشبكة (PVGC) في الانتشار في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. اما في
سلطنة عمان على وجه الخصوص، فقد تم التخطيط لنصب بعض المحطات الشمسية بسعة بعض الجيجا واط من المنظومات
الضوئية (PV) لتتوافق مع رؤية عمان 2040. حيث بلغ إجمالي الطاقة المتجددة التي تم تركيبها في سلطنة عمان حتى عام 2009
بحدود 235 كيلوواط. وقد أكدت هيئة تنظيم الكهرباء في سلطنة عمان ان قائمة مختصرة لستة مشاريع تجريبية للطاقة المتجددة
سيتم نصبها وهي: (1) مشروع للطاقة الشمسية الكهروضوئية 100 كيلو واط في هيجي باستخدام ألواح رقيقة وألواح أحادية البلورية ؛
(2) مشروع للطاقة الشمسية الكهروضوئية تبلغ 292 كيلوواط في المزيونة ؛ (3) مشروع كهروضوئي 1500 كيلووات في هيجي ؛ (4)
28 كيلوواط منظومة كهروضوئية في المثقة تتضمن القدرة على تخزين في البطاريات ؛ (5) مشروع الرياح في جزيرة مصيرة 500
كيلوواط ؛ و (6) مشروع سيح الخيرات، مشروع بولاية ثمريت بقوة 4200 كيلو وات. أيضا لابد من الاشارة الى بعض التجارب الناجحة
في هذا المجال حيث ركبت شركة كهرباء مجان 50 كيلوواط من GCPV اما شركت مجيس فقد بدأت بتركيب محطة شمسية 4.6
ميجاواط في صحار. بالإضافة إلى ذلك ، قامت شركة كهرباء المناطق الريفية (RAECO) بتركيب محطة توربينات طاقة الرياح بواقع 50
ميجاوات في جنوب عمان. علاوة على ذلك ، تم تركيب محطة تعمل بالطاقة الشمسية الحراية بسعة 1024 ميجاوات لإنتاج البخار
لاستخراج النفط جنوب عمان وتعد هذه المحطة الاكبر من نوعها عالميا وهو ثمرة التعاون بين شركة نفط عمان وشركة جلاس بوينت
الامريكية. أخيرًا وليس آخرًا ، تم الحديث عن إطلاق ثلاث مشاريع جديدة على نطاق واسع وعلى النحو التالي: (1) منظومة خلايا
شمسية ضوئية PV 1000 MW في المنطقة الحرة في صحار ونامل ان يرى هذا المشروع الواعد النور قريبا؛ و (2) نظام 500
ميجاوات خلايا كهروضوئية في عبري (محطة عبري-2) (3) نظام 500 ميجاوات منظومة شمسية في عبري (محطة عبري-3). هذا
بالاضافة الى العديد من المنظومات الشمسية المتوسطة والمستقلة او مربوطة بالشبكة الكهربائية التي انشاءتها شركات مثل نفط
عمان، ميثانول، بوليبروبلين، اوكسيدنتل‘ اوربك وغيرها.
ان من المهم بمكان اجراء دراسات علمية اساسية وتفصيلية لاداء وتوقع القوة الكهربائية والطاقة الانتاجية والتصميم الامثل لهذه
المنظومات من أجل التوجه والانطلاق باستثمارات كبيرة ووضع خطط ستراتيجية لانشاء محطات كهروضوئية كبيرة الحجم كفوءة
ومناسبة اقتصاديا. هناك حاجة ماسة للنمذجة والتحسين والتحقيقات الفنية والاقتصادية لتقييم تشغيل وأداء هذه المنظومات.
ستساعد هذه الدراسات في إجراء تعديلات للأنظمة الكهروضوئية واسعة النطاق والمشاريع المستقبلية وهنا ياتي دور الاكاديمين
والباحثين والخبراء وهم كثر في عمان ونؤكد باستمرار لاهمية التعاون بين المؤسسات لخق واقع افضل. علاوة على ذلك ، من الضروري
تشجيع القطاع الخاص على المشاركة من خلال إنشاء شركات طاقة شمسية صغيرة ومتوسطة وكبيرة وفتح الباب أمام سوق جديد،
هذا ومن جانب اخر سوف يساعد التنظيم والدعم الحكوميان في جذب المستثمرين الدوليين. لابد من الاشارة ايضا الى تشجيع
الشباب العماني ولاسيما خريجي الجامعات لانشاء شركات صغيرة تعمل في قطاع الطاقة الواعد.
لتوضيح حصة الطاقة المتجددة واهميتها في ملف الطاقة العماني ، إذا أخذنا على سبيل المثال وبشكل تقريبي الكهرباء المستهلكة في
عام 2009 ، والتي تبلغ 14483 جيجاوات-الساعة وفرضنا انه يتم توليد 50٪ منها باستخدام الطاقة الشمسية ، هذا سيؤدي لتوفير
مبلغ 217،245،000 ريال عماني كل عام واذا ضاعفنا هذا العدد في عام 2019 على سبيل التقريب والمقارنة فسنجد انه يمكن توفير
434,490,000 ريال عماني سنويا والذي يمكن استخدامه لإنشاء العديد من المشاريع التي لها تأثير إيجابي على الاقتصاد. بالإضافة إلى
توفير طاقة الرياح ، من المتوقع أن تقوم عمان بتوليد ما يكفي من الكهرباء لعمان وتصدير الباقي إلى الدول المجاورة. تنعكس هذه
الفرصة ، بدورها ، في ارتفاع صادرات الغاز الطبيعي بدلاً من استخدلمه لتوليد الكهرباء ، مما يخلق فرصة ويجلب عملة صعبة تدعم
الاقتصاد. ان الاتجاه الرئيسي اليوم في عُمان كما هو الحال في دول مجلس التعاون الخليجي نحو الطاقات المتجددة واضح جدا وقد
يكون جزءًا أساسيًا من الخطط الناجحة والواعدة في المنطقة. كذلك نظام تحويل طاقة الرياح (WECS) المعروف أيضًا باسم توربينات
الرياح ، وهو الجهاز الذي يستخدم الطاقة الحركية للرياح ويحولها إلى طاقة كهربائية. أدى البحث والتطوير في معايير التصميم إلى
تطوير توربينات الرياح الحديثة. ومع ذلك ، هناك جانب آخر يحتاج إلى الاهتمام وهو إجراء تحليل موثوقية مناسب يعد مهمًا لوصف
الفشل وتأثيره على المكونات المختلفة للنظام. ان ابحاثنا حول منظومات الرياح لاسيما التي اجريناها حول جزيرة مصيرة بالتعاون مع
بعض الباحثين في كلية التقنية في نزوى وجامعة السلطان قابوس اثبتت ان لطاقة الرياح دور هام واقتصادي واعد في عمان.
اتوقع واتامل واراقب عن كثب تطور هذا القطاع بوتيرة متسارعة نحو تحقيق رؤية عمان للطاقة المتجددة بشكل ملؤه الامل والتفاؤل
نحو المستقبل الزاهر والايام بيننا.