“هاشتاج”.. (hashtag) يصنع رأياً
أحمد بن سالم الفلاحي
shialoom@gmail.com
أجمل ما جلبته خدمة “تويتر” لمستخدميها هذا الرابط الذي يسمى ”هاشتاج”..
(hashtag)، المميز بـ علامة (#)، وتبين المصادر أن فضل هذا الرابط يعود إلى “مخترع
“الهاشتاق” الذي أنقذ تويتر من الإفلاس، وهو “كريس ميسينا”، أحد المساهمين في تطوير
ما يعرف بالويب 2.0، أو عصر الشبكات الاجتماعية، وهو أول من ابتكر فكرة الوسوم
(الهاشتاج) على موقع تويتر، ليصبح بذلك جزءا من لغة الشبكات الاجتماعية. “وكان أول
“هاشتاج” – يضيف هذا المصدر – يتم إطلاقه على موقع “تويتر” بحسب موقع “دوت
مصر” يتحدث عن حريق “سان دييجو” في 23 أغسطس 2007، من هنا كانت بداية علامة
(#) قبل كل كلمة يرغب المستخدمون في لفت أنظار قواعد البيانات إليها، حيث يتم ربطها
في مجموعات، تجعل منها أرشيفا إلكترونيا دائما، يسهل تتبعه، وتحليله لمعرفة ما يشغل
الرأي العام في العالم الافتراضي”.
اليوم عليك كمستخدم لصفحة التواصل “تويتر” إن أردت أن تركز على على قضية ما، تراها
من وجهة نظرك مهمة، أو تريد أن تلفت نظر المتابعين عليها، ما عليك سوى وضع علامة
(#) قبل الكلمة أو العنوان الذي تود تصديره إلى المتلقي، حيث يضمن لك ذلك الأمر:
الانتشار والمشاركة، والأرشيف الالكتروني، لتعود إليه متى شئت.
وبذلك تعفيك اليوم علامة (#) من تكبد مشاق الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المتعاطين
مع خدمة الـ “تويتر” بالطريقة التقليدية، حيث تنقلك هذه العلامة إلى مساحات أرحب من
التعاطي مع الآخر، في الوقت التي تتيح لك أن تتبنى قضاياك الخاصة، أو العامة، فتجلب
الآخرين معك مشاركين، ومتضامنين، ومؤازرين للفكرة التي تطرحها، ومن خلال ذلك تشكل
رأيا عاما – بغض النظر عن مصداقيته – ولكنه يظل رأيا عاما يمكن القياس عليه،
واستخدامه كأدلة احصائية، وليست فقط موضوعية، فالمغردين الذين يصلون إلى عشرات
الآلاف لقضية ما، يمثلون ثقلا مهما يجعل جهات الإختصاص، أو أصحاب القرار، يتعاطون
مع هذه الأرقام بكل اهتمام، وليس فقط ذلك، بل يتعدى الأمر إلى تبني سياسات، وبرامج
انعكاسا لهذا الثقل الذي تمثله هذه الأرقام المتهاوية عليك من كل حدب وصوب، وما أرى
هذه الأرقام إلا “أقواما ضاغطة” تتهاوى حول هذه القضية أو تلك، من هنا ومن هناك، في
صورة من التكاتف غير المسبوق إطلاقا في فهم التكاتف والتعاون الذي عاشته البشرية طوال
الأحقاب والدهور، إنها نقلة نوعية في حشد مفهوم “الرأي العام”، والذي يعطي المسألة
حضورها الأكثر، وثقلها الأكبر؛ أن جل هؤلاء الذين تمثلهم أرقامهم الإحصائية المتراكمة جلهم
من ذوي الأفكار النوعية، وليسوا غثاء كغثاء السيل، أو جمهور “القطيع” كما هو التعبير
الاعلامي، إنما يمثل جمهورا نوعيا بكل معنى الكلمة، وإلا لما لفتت انتباههم الفكرة
المطروحة، وما تحمله من عمق المعنى، ولعلي لا أتفق كثيرا مع من يقيّم جمهور التواصل
الاجتماعي على أنه جمهور “يهرف فيما لا يعرف”.
تشكل الأرقام “التويترية” اليوم ظاهرة اجتماعية مهمة، على المهتمين أن يولوها الكثير من
الإهتمام والدراسة، ولعل في الأحداث التي تشهدها الدول حسنها وسيئها، كبيرها وصغيرها،
في الشرق أو في الغرب، تظل مبعث افتعالها ونشاطها هذه الأرقام “التويترية” حيث لم
يجمعهم مكان، ولا مؤسسة، وقد يكون لا وطن أيضا، حيث ظلت بؤرة الإرتكاز في هذه
الأحداث كلها هو علامة (#) السريعة الانتشار، والتي كان لها فضل الوصول إلى الأقطاب
المتجمدة فأذابتها، وليس فقط في الأقطاب الذائبة أصلا فزادتها ذوبانا.