2024
Adsense
مقالات صحفية

مصادر الطاقة المتجددة في عمان  نضرة بين الواقع والطموح

د. حسين كاظم الوائلي

رئيس مجموعة ابحاث الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الاستدامةا

ستاذ مشارك وخبير طاقة – جامعة صحار

من الجيد أن نبدأ هذه المقالة بالسؤال التالي: لماذا الطاقة المتجددة في عُمان؟ والجواب على هذا السؤال ليس فقط بسبب تزايد الطلب على الطاقة الكهربائية في الوقت الراهن والتوقع باستمرار زيادة الطلب في المستقبل القريب مع زيادة التوجه الصناعي والنمو السكاني ولكن أيضًا بسبب: ارتفاع أسعار النفط والغاز مع محدودية المصادر والموارد والمواقع المكتشفة والمتاحة، وكذلك المخاطر البيئية والتلوث الناجم عن الوقود الاحفوري كالنفط والغاز، وتكلفة الدعم الحكومي، وبالمقابل وفرة مصادر الطاقة المتجددة، وكنظرة عامة على الطاقة المتجددة الحالية والمحتملة في عُمان، والاستخدام المحتمل لمثل هذه الموارد نضع القارىء الكريم في اجواء الطاقة المتجددة.

عمان لديها واحدة من أعلى نسب وكثافة للطاقة الشمسية في العالم. فوفقًا لهيئة تنظيم الكهرباء في عُمان، “تتمتع السلطنة بطاقة شمسية عالية وبإمكانية توفير ما يكفي من الكهرباء لتلبية جميع متطلبات الكهرباء المحلية في عمان وتوفير بعض الكهرباء للتصدير”. قد تشكل الرطوبة والغبار بالإضافة إلى قلة الأمطار عوائق أمام استخدام الخلايا الشمسية PV ولكن اثبتت احدث الابحاث العلمية انه التاثير محدود جدا مقارنة مع دول مجلس التعاون الخليجي. ان تكنولوجيا الطاقة الشمسية الكهروضوئية مناسبة جدا للاستخدام في الأجزاء الشمالية من عمان لإنتاج الكهرباء لاسيما منطقة الباطنة ودعم الشبكة الكهربائية، ومن جانب اخر نجدها مناسبة أيضًا لتوليد الكهرباء في محطات الطاقة خارج الشبكة في المناطق الصحراوية الريفية حيث يمكن للطاقة الشمسية التقليل من استخدام وقود الديزل.

كذلك من المتوقع أن تكون مركزات الطاقة الشمسية الحرارية CSP مناسبة تمامًا للظروف السائدة في سلطنة عمان، حيث اليوم مشمس وساطع وطويل نسبيا في عمان مع درجة حرارة مرتفعة. توجد خطوات مهمة في عمان لتطوير محطات كبيرة للطاقة الشمسية على المستوى المحلي تتراوح طاقتها ما بين 50 و 200 ميجاوات، ايضا من المشاريع المهمة مرأة-1 بواقع 1024 ميجاواط جنوب عمان لتوليد البخار بالطاقة الشمسية واستخدامه لاستخراج النفط ويعتبر الاكبر من نوعه في العالم. أظهرت تطبيقات الأنظمة الكهروضوئية أو أنظمة الطاقة الشمسية المركزة أن موثوقيتها وفعاليتها تعتمد على العديد من العوامل، والموقع الجغرافي له الدور الاكبر (خطوط الطول والعرض وشدة الطاقة الشمسية) والبيئية (درجة الحرارة والرياح والرطوبة والتلوث والغبار والأمطار وغيرها) ونوع الخلايا الكهروضوئية المستخدمة. وبالتالي قبل الالتزام والاستثمار بمشروع PV أو CSP كبير، من الضروري إجراء ابحاث معمقة وشامل للعوامل المذكورة أعلاه.

اما طاقة الرياح wind energy فقد اثبتت التجارب والابحاث أن هناك إمكانات كبيرة للاستفادة من طاقة الرياح في المناطق الساحلية في المنطقة الوسطى والجزء الجنوبي من عمان وشمال صلالة على الجبال، حيث ممكن انشاء محطات رياح في البحر او على الساحل. وقد اثبتت الدراسات والابحاث انه هناك وفرة في طاقة الرياح المتاحة في مناطق كثيرة في عمان. فاذا أخذنا في نظر الاعتبار أن عمان لديها خط ساحلي يبلغ طوله حوالي 3000 كم ، من مضيق هرمز في الشمال إلى حدود الجمهورية اليمنية في الجنوب الغربي، ويطل على ثلاثة بحار: الخليج العربي وخليج عمان و بحر العرب، مما يتيح فرصة في البحر وعلى الشاطي لنصب محطات رياح او هجينة شمسية حرارية في عمان، ومن التجارب الجديدة الرائدة مشروع مولدات الرياح في جنوب عمان بواقع 50 ميجاواط.

اما الطاقة الكهرومائية  hydro powerفهي الطاقة التي تأتي من التدفق الطبيعي للمياه. تتمتع عمان بساحل طويل فاذا أخذنا في الاعتبار أن معظم المدن والسكان يعيشون بالقرب من الساحل فهناك فرص كبيرة لخزن مياه الامطار او ضخ المياه الى خزانات باستخدام مضخات شمسية في النهار وتوليد الطاقة الكهرومائية في اي وقت. من جانب اخر طاقة المد والجزر وهي ضاهرة طبيعية تحدث من خلال مزيج من القوى التي تنشأ بواسطة جاذبية الشمس والقمر بالنسبة لدوران الأرض. لم يتم إجراء أي دراسات لتحديد إمكانات طاقة المد والجزر في عمان رغم حدوث الظاهرة في مناطق كثيرة.

اما استخدام الطاقة الحركية لأمواج البحرwave energy لتدوير التوربينات التي تعمل تحت الماء وتوليد الكهرباء، فقد كانت هناك بعض الدراسات العلمية عن الأمواج الداخلية في بحر العرب وخليج عمان من خلال استخدام صور الأقمار الصناعية. تُظهر الصور دليلًا على توقع موجات داخلية دقيقة على طول الجرف القاري حول المنطقة بأكملها، ولكن لاتزال الدراسات قليلة حول هذه الطاقة في عمان. لذلك يجب إجراء المزيد من الدراسات لتحديد إمكانات طاقة الأمواج في عمان.

من جانب اخر محول الطاقة الحرارية في المحيط OTEC يهدف لاستخدام الطاقة الحرارية للمحيطات لتوليد الكهرباء. هذا النوع من الطاقة يعتمد على عمق المحيط. وتجدر الاشارة ان أقصى عمق لبحر العرب حوالي 4،652 متر. نظرًا لعمق البحر العربي وخليج عمان ، نتوقع وجود إمكانية للعثور على طاقة OTEC الممكنة في سلطنة عمان. من الواضح جدا قلة الدراسات على مدار العشرين عامًا الماضية لاستكشاف OTEC بالقرب من ساحل عمان.

اما الطاقة الحرارية في باطن الأرض  Geothermalفتتوفر الطاقة الحرارية الأرضية كحرارة تنبعث من داخل قشرة الأرض، وعادة ما تكون في شكل ماء ساخن أو بخار او حرارة في الصخور. يتم استغلالها لتوليد الكهرباء باستخدام البخار الجاف أو محلول ملحي عالٍ، أو مباشرة كحرارة لتدفئة المناطق ، والزراعة ، إلخ. هناك أكثر من 55 مصدرمكتشف لطاقة باطن الارض في عُمان ، حيث تصل درجة حرارة الماء في حدود 68 إلى 137 درجة مئوية.

اما طاقة الكتلة الحيوية biomass فقد ازداد الاهتمام باستخدام الكتلة الحيوية كمصدر للطاقة ويقدر أن يصل إلى 15-50 ٪ من الطاقة الأولية في العالم بحلول عام 2050. يمكن أن يتوسع قطاع الكتلة الحيوية في سلطنة عمان دون آثار ضارة على الإمدادات الغذائية والبيئة إذا تم ذلك بطريقة مستدامة. ويمكن أن تسهم زيادة استرداد الأخشاب والمخلفات الزراعية من المزارع والحقول مساهمة كبيرة في قطاع الطاقة في عمان علما انه حتى الان لا توجد صناعة للوقود الحيوي في عمان. ومع ذلك ، هناك إمكانية جيدة لسلطنة عمان لتوسيع إنتاجها من الوقود الحيوي المستدام في المستقبل.

ان مصادر الطاقة المتجددة كثيرة وواعدة في عمان والتخطيط الحكومي مع المشاركة المؤسساتية رائد ونتوقع من الاعلام تسليط الضوء على التجارب الناجحة وهي كثيرة مع زيادة الوعي المجتمعي وتعاون الباحثين والاكاديمين نحو واقع افضل واكمل للطاقة في عمان.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights