2024
Adsense
مقالات صحفية

الأزمات الإقتصادية العالمية ،،، تجربة رائدة بمجال الطاقة في عُمان

د. حسين كاظم الوائلي

رئيس مجموعة أبحاث الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الاستدامة .
استاذ مشارك وخبير طاقة – جامعة صحار

في عام 2008 حيث الازمة المالية العالمية، بلغ إجمالي استهلاك الطاقة في جميع أنحاء العالم 474 إكساجول 474×1018 جول بواقع 80 إلى 90 في المئة طاقة مستمدة من احتراق الوقود الأحفوري كالنفط والغاز والفحم وغيرها. هذا يعادل متوسط معدل استهلاك الطاقة السنوي البالغ 15 تيراوات (1.504 × 1013 واط). علما انه لا تتبع جميع اقتصادات العالم استهلاكها من الطاقة بنفس الدقة ، ويتنوع المحتوى الدقيق لبرميل النفط أو طن من الفحم من حيث الجودة. تجدر الاشارة الى ان عام 2008 شهد ازمة اقتصادية عالمية خانقة نتيجة ارتفاع وانخفاض اسعار النفط بشكل سريع مما ادى الى انهيار اقتصادي عالمي او كما يعبر ازمة مالية عالمية. ورغم تبني العديد من الدول برامج الإنقاذ المالية والإجراءات التي تمثلت بدعم المصارف وشراء الأصول الهالكة بمئات المليارات بدأت اقتصاديات الكثير من دول العالم بالتعافي التدريجي، لكن آثار هذه الأزمة سترافق هذه الاقتصاديات طويلاً كما يرى الخبراء.

وعلى الرغم من التقدم المحرز في كفاءة الطاقة والاستدامة ، من بين كل الطاقة التي تم تسخيرها منذ الثورة الصناعية ، تم استهلاك أكثر من النصف في الثلاث عقود الماضية. ومع ذلك ، عند النظر في هذه الحقيقة ، لا ينبغي إغفال أن هذا هو في المقام الأول نتيجة للزيادات العالمية في مستوى المعيشة والزيادة في عدد سكان العالم ، وليس الفشل في إدارة وحفض الطاقة ككل.

في عام 2009 ، انخفض استهلاك الطاقة في العالم لأول مرة منذ 30 عامًا (-1.1٪) أو 130 مليون طن ، نتيجة للأزمة المالية والاقتصادية (انخفض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.6٪ في عام 2009). هذا التطور هو نتيجة لاتجاهين متناقضين وتبقى ازمة عام 2008 حاضرة بتداعيات على الاقتصادات العالمية. ايضا ظل نمو استهلاك الطاقة نشطًا في العديد من البلدان النامية ، وخاصة في آسيا (+ 4٪). وعلى العكس ، في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ، انخفض الاستهلاك بشدة بنسبة 4.7٪ في عام 2009 ، وبالتالي انخفض إلى مستويات عام 2000 تقريبًا. في أمريكا الشمالية وأوروبا ورابطة الدول المستقلة ، تقلصت الاستهلاك بنسبة 4.5 ٪ و 5 ٪ و 8.5 ٪ على التوالي بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادي. أصبحت الصين أكبر مستهلك للطاقة في العالم (18 ٪ من الإجمالي) منذ ارتفع استهلاكها بنسبة 8 ٪ خلال عام 2009 (من 4 ٪ في عام 2008). بقي النفط أكبر مصدر للطاقة (33 ٪) على الرغم من حقيقة أن نصيبها قد انخفض مع مرور الوقت. ونشط الفحم بدور متزايد في استهلاك الطاقة في العالم: ففي عام 2009 ، كان يمثل 27 ٪ من المجموع.

في عام 2014 تكررت الازمة الاقتصادية مرة اخرى ولكن بطابع جديد حيث استمرة لفترة طويلة دون تعافي والى يومنا هذا، التباطء والركود العالمي واضح, انعكاسات هذه الازمة تجده في كل دول العالم من حيث شحة الوضائف وارتفاع نسب البطالة وازدياد تسريح العمالة. ان التعامل مع الازمة الاقتصادية اختلف سلبا او ايجابا ومن المفيد في هذا المقام التعرض للتجربة الايجابة الصينية والتفكير الصيني تجاه أي أزمة حيث أنها تتيح فرصة، أي أن الصين بداية تمتلك تصورًا إيجابيًا للتعامل مع الأزمات. ففي تعامل الصين مع الأزمة المالية العالمية، ومع تباطؤ النمو العالمي وتوقعات بتراجع الصادرات الصينية، اتجهت الصين للداخل لتضخ مليارات الدولارات لمشروعات البنية الأساسية ولمشروعات تحسين ظروف البيئة، وتحضر المناطق الريفية والتحول نحو الطاقة المتجددة والاستدامة مع تنوع هائل في مصادر الدخل، مما أنقذ الاقتصاد الصيني من الدخول في دوامة الركود.

تتحدث بعض المراكز البحثية والاقتصادية عن توقعات بازمة اقتصادية عالمية في النصف الثاني من عام 2020 في ضل حرب اقتصادية بين الولايات المتحدة الامريكية والصين، قد تكون هذه التوقعات صحيحة او غير صححية او حتى ضربا من الخيال ولكن هذا يدعونا الى ان نتعاطا بموضوعية مع الحاجات ونعمل على التنوع الاقصادي والتحول نحو الطاقة المتجددة والاستدامة والاستثمار في البنية التحتية وانشاء مناطق جديدة للاستثمار كما في منطقة الدقم والتي اتوقع ان يكون لها مستقبل واعد في المنطقة لاسباب كثيرة، وقد يلفت انتباهنا التغير الايجابي للاستثمار في مجال الطاقة المتجددة ولاسيما الطاقة الشمسية والرياح في عمان فنجد امثلة ومبادرات جديرة بالتقديركمحطة عبري (500 ميجاوا”) طاقة شمسية و مشروع مرأة-1 (1024 ميجاواط) ومشروع الرياح (50 ميجاواط) جنوب عمان وايضا مشروع شركة مجيس للطاقة الشمسية وغيرها كثير. باعتقادي ان هذا التحول نحو تنويع مصادر الطاقة والاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة سيكون ذو بعد ستراتيجي ودعامة للاقتصاد ازاء اي ازمة اقتصادية قادمة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights