التنمية المستدامة بين الواقع والطموح
د. حسين كاظم الوائلي
رئيس مجموعة ابحاث الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الاستدامة ،أستاذ مشارك وخبير طاقة – جامعة صحار
اصبحنا نسمع كثيرا في الاعلام عن التنمية المستدامة وقد يكون من المناسب ان نبد بالسؤال التالي: ما هو الرابط بين الانسان والتنمية المستدامة؟ وللجواب على ذلك نقول انه الرابط هو الارض والبيئة ونوعية الحياة. هناك احصائية في عام 2007 تتحدث عن انه لا يحصل على كهرباء أكثر من 1.4 بليون شخص على نطاق العالم، ايضا يعتمد نحو 2.7 بليون شخص ــ يمثلون ما يقرب من نصف البشرية ــ على الخشب أو مخلفات النباتات لأغراض الطهي والتدفئة. 59% من ثروات العالم يمتلكها 6 اشخاص كلهم من الولايات المتحدة الامريكية، 70% من البشر غير قادرين على القراءة، 50% من البشر يعانون من سوء التغذية، وبالتالي الا يحتاج هذا الى تنمية مستدامة؟
التنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات وكذلك الأعمال التجارية بشرط ان تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها. ولكن هذا لايعني ان التنمية تكون بشكل يجعل من دول العالم تصل الى نفس المستوى كما هو في المملكة المتحدة على سبيل المثال وذلك لاننا بحلول علم 2050 سنحتاج كوكب مساوي 1.5 الى 8.5 بحجم كوكب الارض ليسع البشرية. والواقع ان التنمية المستدامة تتضمن تحسين ظروف المعيشة لجميع الناس دون زيادة استخدام الموارد الطبيعية إلى ما يتجاوز قدرة كوكبنا على التحمل. وتجرى التنمية المستدامة في ثلاثة مجالات رئيسة هي النمو الاقتصادي، وحفظ الموارد الطبيعية والبيئة، التنمية الاجتماعية. إن من أهم التحديات التي تواجهها التنمية المستدامة هي القضاء على الفقر، من خلال التشجيع على اتباع أنماط إنتاج واستهلاك متوازنة، دون الإفراط في الاعتماد على الموارد الطبيعية، كذلك من اهم اهداف التنمية المستدامة والتي تؤدي الى التاثير ايجابا على الظروف المعيشية للانسان هي:
- الغذاء: تهدف الاستدامة الاقتصادية فيه إلى رفع الإنتاجية الزراعية والإنتاج من أجل تحقيق الأمن الغذائي. وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى تحسين الإنتاجية وأرباح الزراعة الصغيرة وضمان الأمن الغذائي المنزلي. وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستخدام المستدام والحفاظ على الأراضي والغابات والمياه والحياة البرية والأسماك وموارد المياه.
- المياه: حيث تهدف الاستدامة الاقتصادية فيها إلى ضمان إمداد كافٍ من المياه ورفع كفاءة استخدام المياه في التنمية الزراعية والصناعية والحضرية والريفية. وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى تأمين الحصول على المياه في المنطقة الكافية للاستعمال المنزلي والزراعة الصغيرة للأغلبية الفقيرة. وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الحماية الكافية للمستجمعات المائية والمياه الجوفية وموارد المياه العذبة وأنظمتها الإيكولوجي.
- الصحة: تهدف الاستدامة الاقتصادية فيها إلى زيادة الإنتاجية من خلال الرعاية الصحية والوقائية وتحسين الصحة والأمان في أماكن العمل. وتهدف الاستدامة الاجتماعية فرض معايير للهواء والمياه والضوضاء لحماية صحة البشر وضمان الرعاية الصحية الأولية للأغلبية الفقيرة. وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الحماية الكافية للموارد البيولوجية.
- المسكن المواصلات: تهدف الاستدامة الاقتصادية فيها إلى ضمان الإمداد الكافي والاستعمال الكفء لموارد البناء ونظم المواصلات. وتهدف الاستدامة الاجتماعية ضمان الحصول على السكن المناسب بالسعر المناسب بالإضافة إلى الصرف الصحي والمواصلات للأغلبية الفقيرة. وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستخدام المستدام أو المثالي للأراضي والغابات والطاقة والموارد المعدنية.
- الدخل: تهدف الاستدامة الاقتصادية فيه إلى زيادة الكفاءة الاقتصادية والنمو وفرص العمل في القطاع الرسمي. وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى دعم المشاريع الصغيرة وخلق الوظائف للأغلبية الفقيرة في القطاع غير الرسمي. وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستعمال المستدام للموارد الطبيعية الضرورية للنمو الاقتصادي في القطاعين العام والخاص.
ان البشرية وبسبب الاستنزاف الدائم للموارد الطبيعية ادى الى التاثير السلبي على المحاور الثلاثة الرئيسية للاستدامة وهي الاقتصاد والبيئة والمجتمع، ومن هنا فان الانسان يواجه ثلاث سيناريوهات محتملة هي:
- سيانريو البقاء بدون تغيير: وهذا يتضمن البقاء على نفس النمط من استخدام غير مستدام للموارد وهذا سيستمر الى نظوب الموارد الطبيعية وتدمير البيئة. النتائج المتوقعة من هذا السيناريو هي تغير مناخي حاد، استنزاف الموادر بدون القدرة على تعويضها، انهيار النظام الغذائي والصحي، زيادة الوفياة على حساب الولادات.
- سيناريو التكنولوجيا: وهنا التكنولوجيا ستكون الحل على فرض مضاعفة الموارد والتحكم بالتلوث ووزيادة انتاجية الارض وزيادة كفاءة الصناعة. النتائج المتوقعة هي استمرار النمو السكاني مع توفر الغذاء حتى عام 2020 ثم يبدء بالانهياء بمعدل ابطاء من السيناريو الاول وبالتالي نصل الى نفس النتيجة.
- سيناريو التوقف: وهذا السيناريو مبني على فرضية تحديد افراد الاسرة وتحديد معدل دخل الفرد بشكل يكون متقارب عالميا ليس كما هو الحال الان مع نفس فرضيات السيناريو الثاني. النتيجة ستكون حتى عام 2100 سيبقى عدد ثابت عند 7.7 بليون شخص، مستوى معاشي مقبول جدا وزيادة عدد الولادات مقارنة مع الوفيات وانحصار مستوى التلوث الى حد كبير.
هي دعوة الى توسيع افق الانسان والمجتمعات والحكومات نحو التنمية المستدامة لنا وللاجيال القادمة….