أريد أن ألعب بلعبتي القديمة
بقلم/ جمعة بن طالب الشكيلي
تطور العالم بسرعة فائقة وفي كل حقبة تطورت معه وسائله وكان الإنسان مصدر هذا التطور تلبية لرغباته اللامتناهية وبحثه المستمر عن لعبة السعادة التي تفنن بابتكاراته وصولًا لحدود الجلوس ببيته والحصول عليها.
الغريب في الأمر أنه كلما طورت ألعابه التي يعشقها أفقدتهم متعة التمتع بها بل صارت مصدرًا لتعاسته وحبس نفسه في زنزانات الانفراد ووصولًا لحالات الانتحار التي حيرت عقول.
ليس هذا فقط بل امتدت لتسجن معها أطفالنا الأبرياء لتجعلهم عبدة لذلك التطور وتلك الاختراعات التي لو تمهل الجميع فيها ووضعوا عقولهم وحكموها لكان الأمر والوضع مختلف.
إن ما نراه اليوم من ألعاب جعلتنا فرادى وكأنما بنيت الحواجز بيننا وصار الهاتف والنت هما الصديقان الأهم في حياتنا، فكم من عائلة لا تلتقي سوى بالهاتف، وكم من أصدقاء لا يلتقون سوى في جروب واتس أب يجمعهم، وكم من لعبة ابتكرت لتلتقي بأصدقاء جدد أو تلعب بجماعات من خلال النت وموضة العصر واللعبة أكثر لعبًا هي لعبة الببجي.
الحال لم يقتصر على هذا فجاء كأس الإدمان ليشربه أطفالنا ليصبح التاب المصغر هو الصديق له والجلوس معه لساعات هو الحل لإسكاته وإمضاء طفولته التي تمر مر السحاب.
وقد كشفت دراسة نشرتها الرابطة الأميركية للطب النفسي أجريت على مجموعتين من الأطفال أعمارهم بين 13 و15 عامًا عن أن الأطفال الذين اعتادوا ممارسة ألعاب الكمبيوتر، خاصة العنيفة منها وتلك التي تشمل الحروب والقتل، زاد لديهم السلوك العدواني واتسموا بسرعة الغضب، بالإضافة إلى إصابتهم بمشاكل في النوم وزيادة عدد ضربات القلب، فضلًا عن انعزالهم عن أسرهم وأصدقائهم، كما تسبب أمراضًا صحية ونفسية واجتماعية مستقبلًا.
سؤال يطرح نفسه ماذا سيتعلم الطفل من عاداتنا وتقاليدنا؟.
هل سيكون الطفل اجتماعيًا؟. أم هل سيتطور في مراحله الطفولية ليعيشها ويختزنها في ذاكرته؟.
أم هل سيعرف أن ألعابه القديمة إندثرت ولن تعلمه الاجتماعية؟.
أسئلة كثيرة ستطرح نفسها في خضم التطور السريع للعالم وابتكار خلف ابتكار يدمرنا ما لم نحسن اختيارها ومعرفة كيفية استخدامها.
وبالعودة للماضي فهناك ألعاب شغفتنا باجتماعيتها وأحببناها لأنها تجعل ضحكاتنا تتعالى وتنمي معها أفكارنا الطفولية وتخزن في أذهاننا أجمل اللحظات مع الأهل والأصدقاء والأحبة ومن هذه الألعاب: الصولة والعنبر والمديسوه ولعبة البيضة وغيرها الكثير من الألعاب الشعبية التي كانت ملاذًا لنا رغم بساطتها فهي ألغت اللعبات الفردية وعلمتنا أن في اجتماع الشمل قوة ومتعة وعلمتنا كيف نخطط ونفكر لنفوز دونما أنانية أو مصلحة بل تعدت الحواجز وكانت هاجسًا وانتظار وترقب حتى نجتمع مرة أخرى.
خلاصة من رسالة الحاضر إلى أولياء الأمور أولًا قبل كل أحد يقول جورج بيرنارد شو ” لا تتوقف عن اللعب لأننا كبرنا، بل نكبر لأننا توقفنا عن اللعب “، فلذلك انتقوا ما تختارونه لأطفالكم وعلموهم عن تاريخ ألعابهم وشعبيتها وأهميتها وناصفوها مع ألعاب حاضرهم لتكون مزيجًا مريحًا لهم ويستقبلوها بكل براءة ولتأخذ طفولتهم مجراها الطبيعي ولتكون ذكراهم مخلدة بأروع الذكريات.
فأنا أحن لألعابي القديمة وأحب دمجها مع لغة العصر الجديد لتكون عالمي الطفولي الذي اخترعه لنفسي.