ملامح بلا هوية…
محفوظة العوفية
إلى اللحظة المشتتة بداخلي… إلى الصَرخات المعذبة.
إلى الفترة العابرة التي تجُدني فيها داخل خواءٍ مشلول أتدارك فيه وجود اليأس وأنا أعقد المساومة بين قوتي وضعفي…. كي لا ألوب بالفرار .
اللحظة التي أنظُرُ فيها من حولي وأجد لا شيء .. عدا الثرثرة من لا شيء .
لأُفضلَ الصمت في النهاية…..
وأبقى مع عُزلتي من جديد…. العزلة مع ألعابي الوحيدة التي طالما رافقتني منذ طُفولتي….. دون أن تردد كلمة وداع….. دون أن تُميتني مرتين بل تحي فيني نشوة الوقوف مرات ٍعدة. تآخذ بذاكرتي لزمنٍ قديم خلف عبوس جدرانها المُهتريةِ أبوابها وسقف بيوتها المتصدئ ليحاذي قساوة الدهر آنذاك.
أتذكر يومها كم كنت أقف عاجزة وكأنما ينتشُلني حُضُنُ عجوزٍ تحتضر وأنا أُراقب خروج روحها المغروسة تحت قضبان من الحديد وتلك الأقفال الملتفة القابعةُ على أطراف أصابعها والدماء تنزف منها دون أن تشتكي الألم ….. كانت الرجفة تسيطر علي حينها وقد راودني شعور الخوف من مطاردة الألاف من الوجوه المشردة الخاوية الملامح …. المتعرية أنيابها ِبسُمٍ قاتل لتتعمد الجريمة …. في أفواه قلوبهم تتجرد الإنسانية وهي تنطق بالحكم ….. هم أشباه البشر .
ُرُغماً عن ذلك ما زلت أحتفظ ببعض من هدوئى وأنا أمشي بخطواتي الثقيلة فوق فتاتات الورق المحروقة على جنبات الطريق وكأني أراها تبتسم مستسلمة تماما لأقدام المارة …. تُلقنني درساً في النسيان …..
كل ما أعيشه الآن وأشعر به هو
الفضول للعثور على تلك المساحة من الأمان …. بعيداً عن كل ما يُثير غضبي وحُزني وتعاستي….
أرغم في زاوية منطوية تناسب وضعيتي وتعيدني للحقيقة… للواقع الأجمل
للحياة النقية….
وجودي يرفض البقاء هناك حيث عالم الأموات فيه ينتهي…. أقاوم لأكون هنا حيث تقودني بصيرتي في الوصول مرة أخرى لنقطة البداية والسيطرة.