سلام على غزة حتى يطمئن فؤادها

عبير بنت سيف الشبلية
” غزة الصمود والصبر والكفاح.. من أقدم المدن التي عرفها التاريخ، إنها ليست بنت قرن من القرون أو وليدة عصر من العصور، وإنما هي بنت الأجيال المنصرمة كلها، ورفيقة العصور الفائتة كلها، من اليوم الذي سطر التاريخ فيه صحائفه الأولى إلى يومنا هذا”.
ولقد ذكر اسم ومعنى غزة في القرآن..
قال الأَزهري : والغُزَّى على بِناءِ الرُّكَّعِ والسُّجَّدِ . قال الله تعالى : أَو كانوا غُزًّى. ويقول تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} ]البقرة: 249[. ونشهد أن فئة قليلة من المجاهدين الصابرين في غزة غلبوا جيش الاحتلال الصهيوني في بضع ساعات، وغلبوا كل الداعمين له بالمال والسلاح منذ بدء العدوان على غزة وحتى الآن.
وقال ﷺ: المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه، وقال ﷺ: من جهز غازيًا فقد غزا، ومن خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا. وروى الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ”
ولقد توفي جد الرسول بمدينة غزة من أرض الشام في فلسطين عند بني عم قبيلة قريش من كنانة وهم بنو عمرو بن كنانة، وقبره معروف هناك بمسجد السيد هاشم. ولذلك تدعى مدينة غزة بغزة هاشم. وكان قد تزوج من أهل يثرب من قبيلة بني النجار.
والصحابي عمرو بن العاص السهمي القرشي الكناني وكان خطيبا بليغا محبا للشعر ويطرب له، وكان داهية من دهاة العرب، وصاحب رأي وفكر، وفارسا من الفرسان، هو الذي فتح غزة، سبسطية، ونابلس ويبني وعمواس وبيت جيرين ويافا ورفح. دخل الإسلام في السنة الثامنة للهجرة بعد فشل قريش في غزوة الأحزاب، وقدم إلى المدينة المنورة مع خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة مسلمين بعد مقاتلتهم الإسلام، ولقد انتقل بعد ذلك ليكمل مهامه في مدن فلسطين .
وفي التاريخ يُرجَّح أن الكنعانيين هم من أطلقوا على غزة اسمها، الذي يعني “القوة” في اللغات السامية القديمة، أما المصريون، فقد أطلقوا عليها اسم “غزة” (المدينة الثمينة). وفي خريطة مأدبا، وهي فسيفساء أرضية من القرن السادس تُصوِّر الأرض المقدسة، تُشير مدينة غزة إلى أنها سابع أقدم مدينة في العالم.
وفي كتاب أقدم صدر عام 1907 للحاخام الأمريكي مارتن ماير عن غزة، وصفها المستشرق الأمريكي ريتشارد غوتهيل في مقدمته قائلاً بأنها “مدينة مثيرة للمهتم بدراسة التاريخ”،وأوضح غوتهيل أهميتها الإستراتيجية قائلاً إنها “نقطة التقاء للقوافل التي كانت تنقل بضائع جنوب الجزيرة العربية والشرق الأقصى إلى البحر الأبيض المتوسط، ومركز توزيع هذه البضائع إلى سوريا وآسيا الصغرى وأوروبا، وهي كذلك همزة الوصل بين فلسطين ومصر”.
وهناك اختلاف في تفسير سبب تسميتها “غزة”؛ فبعض المؤرخين يعتقدون أنها اشتُقت من كلمة “المَنَعَة”و”القوة” وآخرون يرون أنها تعني “الثروة” أو “المميزة” بصفاتها الخاصة، إلا أن ياقوت الحموي ذكر في معجمه أنها تعني “أن يُميَّز شخصٌ ما بشيء خاص من بين أصحابه”.
وفي كل مرة يقف شهيد غزة صامدا بهيبة واحترام وإجلال يملأ القلب هيبة وروعة، وتبقى غزة نصب أعيننا وقلوبنا.. البنيان المرصوص والحصن المنيع الذي انضم بعضه إلى بعض لا يهاب ولا يخشى الهزائم والصعاب.