الإثنين: 31 مارس 2025م - العدد رقم 2506
Adsense
مقالات صحفية

اليقين بالله يكفيني

ميمونة بنت علي الكلبانية

اطمئني يا رفيقتي، فإن لكِ ربًا يدبر الأمر أفضل مما تدبرينه لنفسكِ؛ لن يردّ الله قلبًا أتاه يستظل برحمته من متاعب الحياة وسيهبكِ الله قوة من بعد ضعف، وفرحة من بعد حزن حتى ترضي، ويهوّن عليكِ كل شيء ضاق به صدركِ، فتهون عليكِ الدنيا بما فيها؛ فاستبشري خيرًا!

هذا يقيني بربي؛ لأنني أعلم قدرته وعظمته وقوته، وأعلم كذلك عفوه ومغفرته؛ إنه سبحانه وتعالى يعلم السر وما أخفى، ويعلم ما توسوس به نفس الإنسان.

يا من يرى ما في الضمير ويسمع، أنت المعد لكل ما يُتوقّع، وأنت الذي يُستعان به في كل ما يُنتظر من أحداث الدنيا والآخرة؛ وأنت وحدك القادر على إزالة الضر، ومنح السعادة، ومغفرة الذنوب. أمرتنا ألا نستعين إلا بك وحدك في قولك تعالى: “إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ” ((الفاتحة: 5)). فلا أعبد إلا إياك، وإياك أستعين؛ وهذا هو اليقين بالله عز وجل.

فنعبده وحده ولا نستعين بأحد سواه؛ والحق أن الذي يستعين بالله هو الفائز المنتصر؛ لأنه يستعين بقوة لا يعتريها ضعف ولا زوال؛ فهو سبحانه الله القدير على كل شيء، وهو الحي الذي لا يموت؛ كما قال تعالى: “وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ” ((الفرقان: 58)).

لا خوف مع اللجوء إلى الله:

كيف لنا أن نخاف ونقلق ونحن نلجأ ونشكو لله وحده؟ لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه؛ لا مهرب ولا مفزع إلا إليه؛ إذا كانت لي حاجةٌ في هذه الدنيا، فإنني لن أتوجّه بها إلا إليه، يا الله.

يقيني بك يقيني من كل شيء، ولأنني أعلم أن الناس كلهم فقراء وأنت الغني الرزاق ذو القوة المتين؛ وأعلم أن خزائنك يا إلهي ملأى لا تنفد أبدًا كما ذكر في كتابه العزيز: “مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ” ((النحل: 96)).

فقري إليك هو وسيلتي الوحيدة إليك؛ فإنني بهذا الافتقار إليك أدفع فقري، وليس لي حيلةٌ إلا اللجوء إليك، يا ملاذي الوحيد.

“مالي سوى قرعي لبابك حيلةٌ،
فلئن رددت فأيَّ باب أقرعُ؟
ومن الذي أدعو وأهتف باسمه
وإن كان فضلك عن فقير يمنعُ؟
حاشا لجودك أن يقنط عبدًا عاصيًا،
الفضل أجزل والمواهب أوسع.”

فإنا نمتلك اليقين التام برب الفلق؛ لا يدخلكِ شك ولا ريب، ولا يأخذكِ خوف؛ لن نكل ولن نمل، النصر حليفنا طال الزمان أو قصر. كما ورد في الآية الكريمة: “فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ” ((الروم: 60)).

حتى أصل إلى ما أريده يومًا، لأني رددته بكل يقين في صلواتي وخلواتي، وعند الأذان والإقامة، وقبل كسْر الصيام، وفي الثلث الأخير من الليل؛ رأيته يتحقق أمام عيني وكلي يقين بأن الله ملاذي وهو الأمان الذي لا يموت.

إيمانك بالتغيّر:

رفيقتي، إيمانكِ بأن الحياة متبدّلة، متحوّلة، لا تدوم على حال، وأن سِمتها الثابتة دائمًا هي التغيّر المستمر يجعلكِ تنظرين للأشياء من منظور مختلف، وتقيسين الأمور بمقياس المرونة؛ لا يتملكك اليأس الدائم من أمرٍ ما، ولا تعوّلين على أي شيء فيها بيقينٍ أبديّ.

وهذا هو يقيني بربي وخالقي وملاذي ومولاي جل وعلا.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights