تحية الإسلام .. جسر المحبة وسر الألفة في المجتمع
ناصر بن خميس السويدي
ظاهرة بدأت تغزو مجتمعاتنا الإسلامية المحافظة، وهي التهاون في إلقاء تحية الإسلام الخالدة، “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”. مع اختلاط الناس بمختلف الجنسيات والثقافات، أصبح إلقاء السلام نادراً ما يُسمع، وإن سُمع، يكون بصوت منخفض بالكاد يُلتقط. أما رد السلام، فقد أصبح معدوماً في كثير من الأحيان.
وهذا التهاون في التحية الإسلامية ينعكس سلباً على الروابط الاجتماعية والقيم التي تعزز الألفة والمحبة بين المسلمين. وقد حث الإسلام على أهمية إلقاء السلام وردّه، كما في الحديث الشريف: “أفشوا السلام بينكم”، لكونه وسيلة لتعزيز الإخاء والرحمة.
لذا، يجب علينا إعادة إحياء هذه السنة المباركة وغرسها في نفوس أبنائنا، والتأكيد على أهمية السلام كمظهر من مظاهر التواضع والاحترام، حتى لا تتلاشى هذه القيمة النبيلة مع مرور الوقت.
إن انتشار هذه الظاهرة في مجتمعاتنا ينذر بخطر على هويتنا الإسلامية، خاصة مع ما نراه من التأثير المتزايد للعادات الدخيلة التي قد تؤدي إلى طمس القيم الأصيلة. لذلك، فإن مسؤولية التصدي لهذا التهاون تقع على عاتق الجميع، بدءًا من الأسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام، حيث يمكن أن تقوم بدور فعال في التوعية بأهمية تحية الإسلام.
ولكي نعيد لهذه السنة مكانتها، ينبغي علينا العمل على الأمور التالية:
١. التوعية المستمرة: تكثيف الخطاب الديني والاجتماعي الذي يسلط الضوء على فضل إلقاء السلام وردّه، بما يشمل الأحاديث النبوية والآيات القرآنية.
٢. القدوة الحسنة: أن يبدأ الكبار وأرباب الأسر بإلقاء السلام ليكونوا قدوةً حسنةً لأبنائهم.
٣. تعزيز التعليم: إدراج قيم إلقاء السلام وأثره في بناء المجتمعات في المناهج الدراسية.
٤.استخدام وسائل التواصل: الترويج لتحية الإسلام عبر الحملات الرقمية لزيادة الوعي بفضلها.
إن السلام تحية خالدة تهدف إلى تعزيز المودة والتواصل بين الناس، وهو من الشعائر الإسلامية التي يجب أن تبقى حية في النفوس والممارسات، لأن الالتزام بها لا يعني فقط نشر الخير، بل يرسخ هويتنا الإسلامية ويمثل رمزا حضارياً راقياً يعكس أخلاقنا وتسامحنا.
لننظر إلى “السلام عليكم” كأكثر من مجرد كلمات تقال، بل هي رسالة تحمل معاني الحب، الرحمة، والأمان. كلما ألقيت السلام، فكأنك تفتح بابًا للتواصل وتضيء قلوب الناس بنور الألفة. تخيل الأثر العظيم الذي يمكن أن نتركه في مجتمعنا لو أصبحت هذه التحية جزءًا أصيلًا من حياتنا اليومية!
لنتأمل: كم من صداقات تبدأ بتحية بسيطة؟ كم من خلافات تزول بابتسامة مصحوبة بـ”السلام عليكم”؟ إنها أكثر من مجرد كلمات، إنها مفتاح القلوب وصلة الأرحام.
فلنتحدى أنفسنا أن نعيد لهذا الشعار العريق بريقه، ولنتذكر أننا نحيي سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي قال: “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم”.
انطلق الآن وألق التحية، وكن سببًا في نشر الخير والمحبة. فمن يعلم؟ قد يكون سلامك اليوم بداية لقصة جميلة وغدٍ أفضل للجميع.
إن السلام ليس مجرد كلمات، بل هو مفتاح للبركة، وسلامة القلب، وفتح أبواب القرب بين الناس. عندما تبدأ يومك بتحية الإسلام، فإنك تبعث رسالة بأنك شخص يحمل نية الخير، وينشر الطمأنينة. أليس رائعًا أن تكون مصدرًا للسعادة والسكينة في نفوس الآخرين بكلمات يسيرة؟
تخيل أن “السلام عليكم” التي تلقيها على شخص غريب قد تكون شفاء لروحه، وكأنك تقول له: أنا أحترمك، أنا أريد لك السلامة، وأنا معك في الإنسانية والأخوة!
دعونا نجعلها شعارنا من اليوم، ننثرها في كل لقاء، بين الأهل، الأصدقاء، وحتى بين الغرباء. دعونا نجعلها قوة تربطنا وتعيد الدفء إلى علاقاتنا. فإننا إذا أحيينا هذه التحية المباركة في مجتمعاتنا، سنعيد معها روح المحبة، ونبني جسورًا جديدة من التفاهم والوئام.
فلنبدأ الآن، لا تنتظر أن يبادرك أحد، بل بادر أنت، وكُن قدوة مشرقة. تذكر أن الكلمة الطيبة صدقة، و”السلام عليكم” أعظم كلمة طيبة تُقال. فمن يدري؟ قد تفتح لك هذه التحية بابًا لمغفرة عظيمة ورحمة واسعة يوم القيامة.