القيم والأخلاق الحميدة هي سلاح الشباب نحو المجد والرقي
محمد بن حمد المعولي
القيم العُمانية والأخلاق الحميدة والسمت الذي يتحلى به العُماني أينما حل وارتحل هي دلالات معروفة، ورمز للعُمانيين يعرفون بها بين الشعوب الأخرى. إن هذه القيم والمباديء والسلوك التي توارثتها الأجيال وغرسها الآباء في أبنائهم هي قيم سامية مستمدة من القرآن والسنة، وقد تأصلت في المجتمع العُماني منذ الأزل، كما تمسك بها المربون في المدارس والجوامع؛ فكان الجميع يسعى لزرع هذه المفاهيم في عقول الناشئة وتدريبهم عليها لكي ينشأوا عليها، حتى أضحت هذه القيم رمز للعُماني في بلده وفي خارجها.
ومع الغزو الفكري العالمي ووجود التقنية في بيوتنا وبين أيدي الشباب؛ فإن الحفاظ على هذه المنظومة أصبح أكثر صعوبة، وتحدياً كبيراً أمام المجتمع العُماني. فالغزو الفكري القيمي أصبح يتلقاه الشباب ليل نهار، حيث يأتي بأشكال براقة ومفاهيم جديدة، لكن في داخلها السم الزعاف؛ فيتغلل إلى أذهان الشباب بعبارات لامعة؛ كالحرية الفكرية، والرأي والرأي الآخر، والإعتماد على النفس، والخروج من عباءة ووصاية الوالدين والمجتمع، وغيرها من العبارات التي أصبح بعضاً من الشباب يرددها دون أن يلقي لها بالا أو يعلم مصدرها وأهدافها.
إن هذا الغزو الفكري القادم من غير بيئتنا ودخيل على مجتمعاتنا موجه لفئة المراهقين والشباب أساساً، فالقصد منه تدمير هذه الأصول والثوابت لهذه الفئة العمرية، وهي بالطبع مخالفة للفطرة والشرائع السماوية. وكما هو معلوم لدى الجميع فإن الشباب هم الثروة الحقيقية لأية أمة، وإن إعدادهم وتقويمهم فكرياً وسلوكياً أساس بناء الأمم، ولذا فإن الشريعة السمحاء تعول على الشباب كثيراً؛ فبهم تنهض الأمم وبهم تتقدم.
وعليه فإن التربية على الأخلاقيات الشرعية المتزنة وتقويم السلوك لدى الشباب وضبطها والتحلي بالخلق الحميدة وفق منهاج الدين والسنة في القول والفعل أساس بناء مجتمع سام راق غير معيب؛ وبذلك يتكون لدينا مجتمع صالح قوي متين محصن من كل الشوائب.
هذا وفي ظل هذا الغزو الفكري أصبحت مهمة تنشئة الأجيال الحالية والقادمة صعبة جداً، وتحتاج إلى جهود مضاعفة وأساليب متطورة تواكب المتغيرات المحيطة؛ لنتمكن من طرد كل هذه الأفكار الدخيلة على مجتمعنا، والتي يقيناً تتعارض مع قيمنا الأصيلة التي يتمسك بها المجتمع العُماني، وكما يقال “عض عليها بالنواجذ”، وبالتالي فقد ميزته عن الآخرين سلوكاً وخلقاً ومسلكا.
وعليه فإن درو الأسرة ومؤسسات التعليم والمساجد في تثبيت هذه القيم لدى الناشئة أضحى أكثر أهمية، كما أن لوسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الإجتماعي دوراً موازياً في ذلك من خلال المشاركة في إطلاق البرامج التوعوية والتثقيفية، وعليهم إشراك هذه الفئة المستهدفة في برامج تفاعلية علمية تحاكي الواقع وتقدم الأمثلة الحية الهادفة عن السلوكيات والطرق التي ينبغي للشباب أن يسلكوها، وعرض نماذج مختارة من الشباب المعاصر أو من الرموز الإسلامية التي يزخر بها تاريخنا الإسلامي، مع تبيان المخاطر التي يروج لها الآن والتي تتنافى مع ديننا وقيمنا، والتوضيح لهم علمياً وعملياً بكيفية الإلتزام بهذه القيم والأسس؛ حتى نخرج أجيالاً نافعة لوطنها ومجتمعها وتقود شعوبها نحو الرفعة والسمو.