2024
Adsense
مقالات صحفية

تساؤلات للتاريخ ..!

   عبدالله بن حمدان الفارسي

تساؤلات أظن من الغباء البحث عن أجوبتها، وأجزم بأني لم ولن أجد الإجابة عليها، إلا بالذكاء الاصطناعي وأحسبه – الذكاء الاصطناعي- لن يكون معي صادقا لأنه منهم ولا ينتمي إلينا، أين نحن منه؟ وأين هو منا؟ إضافة لذلك ومن مبدأ الاستعطاف لا رغبة لديه لإرهاق عقلي العربي لأنه يدرك ضآلته.

ولكن سأستجمع قوى العقل العربي فينةً في محالة لاجتياز ضبابية الموقف الذي أمامي، ولإزاحة السواد الذي يحتل فكري، في تحدٍ سافر قد سبقني إليه الكثير من الأحرار، ومع ذلك فقد باءت كل المحاولات بالفشل الذريع، لا لشيءٍ، وإنما لأن العقل العربي الذي أمتلكه تعوّد الرضوخ والخنوع ويأبى التحرر، ولكن أصر على طرح الأسئلة التي أنهكت ذهني وأرهقت فؤادي.

أين منا رجال كنا نعدهم من الأخيار؟! وأين هم الآن عنا؟! أوطان كانت لنا ملاذ من الأحزان، أين هي الآن منا؟ أين منا تلك الشعارات والخطابات الحماسية؟ أين أصحاب الحناجر الرنانة والأصوات الجياشة التي كانت تهتز لها منابر العز والشرف؟ أين من كانوا يبثون فينا روح الكفاح والجهاد؟ والدفاع عن الأوطان وحبها؟ لماذا لم تعد أذناي تشنف بتلك الأصوات والأناشيد التي تفجر في أعماقنا صوت العروبة؟ الآن الآن وليس غدا (فيروز) وين الملايين (جوليا بطرس).

لماذا لم تعد لاجتماعات الأمة أية أصداء في أعماقنا؟ ولا تجد متابعة ولا اهتماماً شعبياً منا؟ هل أصبحت وهماً وخيالاً في خيال؟ أم أنها تعد من سابق الأزمان كانت ولا زالت؟ أم كنا أمة ذات أفواه مفتوحة ومغيبة الأذهان؟! لم نفقه شيئاً من تلك الاجتماعات سوى حسن الضيافة والاستقبال، وفخامة المباني وما تحويه، ويحق لك أيها القارئ أن تضع خطاً تحت ما تحويه. وللأسف لن تستوعب ذلك إلا بعد الانهيار والفرار.

يا لزمن الخذلان هذا الذي يكتنفنا، كنا نظن أننا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرارا؟”. ها نحن نقر بأن زمن الأحرار قد ولى وبان، وأن سيف الفاتح لا زال للذكريات معلقاً على الجدران.

ماذا أصاب قلب الأمة؟ ما هذا الوهن الفكري والاسترخاء الجسدي اللذان أصابا إسلام العروبة وعروبة الإسلام، كيف لخير أمة أخرجت للناس يصل بها الحال إلى ما هي عليه، من الذي أصدر فرماناً بأن تتكسر السيوف في أغمدتها، وتقبض الدنانير أثناء الاجتماعات من تحت الطاولة، وتباع العقيدة بأثمان بخسة.

بئس الزمن بأن تباع عروبتي براقصة وجهها مغطى بآلاف الألوان، وليس لها من المقومات إلا هز الوسط والأرداف، فما أعظم مأساتي حين أفيق من نشوتي، وقد فرطت بغالي الأثمان بلا ثمن.

أي حر بعد هذه الانكسارات وطأطأة الرأس أن يتوسط أبناءه ويجالسهم ويروي لهم أحاديث فتوحاته؟! لطفاً، فتوحات أجداده، أو يتمسك بصولجان أسلافه ملوحاً به تفاخراً وتيها، أو يزمجر متباهياً بمشيخته البلهاء وعباءته المهترية بين أعوانه وإخوانه؛ حينها هل يهنأ بلقمته أو يتلذذ برفاهية فرشه وهو بأغلال الذل مكبل؟

ذهبت كرامتنا بذهاب إسلامنا وعروبتنا، وسقطت أقنعة النفاق عن أخيارنا، وفسد البارود على أفواه البنادق، ووهنت عجزاً جدران العزة في أوطاننا، فلم يبقَ لنا سوى التنديد والنكران الصامت، وهذا أضعف الإيمان، وليس ببعيد أن يأتيَ يوم ونفقد أيضا أضعف الإيمان.

انتصروا علينا ليس لأنهم أفضل منا، انهزمنا لأننا فضلنا وضعية الرقود- أرمي لمن يفهمها-، فثقافة الانبطاح والاستسلام هي ليست جزءا منا بقدر ما أصبحت هي كل شيء فينا؛ لأننا نحن من فضلنا بأن نكون أسوأ منهم. نحن من مكناهم من رقابنا لأجل سهرة في ليال حمراء، لكنها ليست كليالي الأنس في فيينا.

ليالي الأنس رقي، وليالينا فيها بيع وشراء، أجساد تُوشم بحبر الاستعباد، وعقول تُهجر خارج المألوف لتكون محاطة بسياج الذل، وأوطان وشعوب لأي راع بيعت ليسودها ويجلدها كالخرفان بسياط العصيان.

 قال تعالى: [وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ] من الآية 60 سورة الأنفال، قال تعالى: [ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ] سورة الرعد الآية 11.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights