2014
Adsense
مقالات صحفية

وطنٌ يستحق العدل نحو حياة كريمة، وفرص متكافئة للمواطنين

حمدان بن هاشل العدوي
عضو الجمعية العمانية للكتاب والأدباء

وطني العزيز، الوطن الذي نحمله في قلوبنا، ونعيش في كنفه بين جباله وصحاريه وسواحله، هو المكان الذي ينمو فيه الإنسان ويترعرع، ويبني آماله وأحلامه؛ هذا الوطن، كغيره من الأوطان، يستحق أن يكون أرضاً للرخاء والازدهار لأبنائه، يستحق أن تكون فيه الفرص متاحة للجميع، حيث يكون الكل مشمولاً بنعمه، ومدعوماً من حكومته، وحاملاً لراية مجد تُرفع في المحافل الدولية.

ولكن، حين أتجول في مدن هذا الوطن وأزقّته، وأرى أبناءً وبناتاً يبيعون الماء في ظهيرات الصيف الحارقة، أو يقفون في الليالي الباردة يبيعون الأطعمة الشعبية كالمشاكيك والشاي والقهوة لتوفير لقمة العيش، أجد أن هذا المشهد لا يليق بمكانة الوطن، ولا يعبّر عن آمالنا العميقة في التقدم والتطور، مشاهد تقطر بالكفاح، وتفيض بالشقاء، وتحثنا على التساؤل: أين العدل؟ أين العدالة في توزيع فرص العمل وتيسير الحياة الكريمة؟

المواطن والعمل اللائق:

يعيش كثير من أبناء وطني على أمل أن يجدوا العمل الذي يكفي احتياجاتهم الأساسية، بل ويتوقون إلى حياة يشعرون فيها بالأمان الاقتصادي، ليتمكنوا من بناء مستقبل لهم ولأبنائهم، ولكننا ما زلنا نرى الباحثين عن عمل يفترشون الأمل، دون جدوى في كثير من الأحيان، وتزيد وتيرة تسريح الموظفين المواطنين، وكأنَّ مسيرة الحياة الكريمة أصبحت متاحة لفئة محدودة، بينما الآخرون يكافحون ليبقوا على سطح الأمان.

لا يمكن أن يُطلب من المواطن، الذي يُفترض أن يكون شريكًا في التنمية ومنتفعاً من خيرات بلده، أن يعيش من جهود عمل بسيط مثل بيع الماء أو المشاكيك، ولا يمكن أن يتم قبول هذه الأعمال كمهن تدرّ دخلاً يجعل المواطن يعيش مُرفهاً كما يتمنى، نريد أن تكون هناك حكومة تدرك طموحات هذا المواطن وتدفع بعجلة الاقتصاد إلى الأمام، بما يتيح الفرص ويحقق التنمية التي ننشدها جميعاً.

العدالة والمشاركة في اتخاذ القرار:

إن دور الحكومة لا يقتصر فقط على إصدار القوانين وإعداد السياسات، بل يجب أن تكون جسراً للتواصل والمشاركة الحقيقية مع أبناء الوطن، تسمع من البسطاء فيهم وأصحاب العوز والفقراء، وليس أن تسمع من الأغنياء الذين يريدون للمواطن أن يعيش على الكفاف، وتفهم احتياجاتهم، وتشاركهم اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم، قرارات عادلة، تضمن حق العيش الكريم، وتفتح أمام الجميع أبواب الرزق المتكافئ، نحن نطمح إلى حكومة تستثمر في الشباب، توفر لهم بيئة للعمل والابتكار، وتحترم كرامتهم، فتُشعرهم بأنهم جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن.

مشاهد من الجوار:

تجوّلنا في الدول المجاورة، شاهدنا فيها أشكالاً متعددة من الرخاء والتقدم، ولا نجد تلك المشاهد للمواطن في بيع الماء أو الطعام على الأرصفة، ولا نرى شباباً يكافحون ليلاً ونهاراً من أجل لقمة عيش بسيطة، هذه الدول على اختلاف ظروفها، وفّرت لأبنائها فرصاً أوسع، وبيئة حاضنة للعمل والابتكار، فأصبح شبابها عناصر فعالة في تنميتها، وليس فقط باحثين عن الرزق.

فكيف لوطننا، الذي يمتلك من الموارد والخيرات ما يُمكّنه من تلبية احتياجات شعبه، أن نراه عاجزاً عن تحقيق ما تحقق في أماكن أخرى! إن هذا الوطن بحاجة إلى حكومة قادرة على النظر إلى هذه المسائل بواقعية، واعية بأهمية تمكين المواطن وتوفير العيش الكريم له بشكل عاجل، وليس مجرد خطط بعيدة المدى، وهو الآن يحتاج أن يعيش حياة كريمة تغنيه عن السؤال، ليس فقط كحق، بل كضرورة لتحسين جودة الحياة وتعزيز ولاء المواطن لوطنه.

في سبيل عدالة مجتمعية شاملة:

علينا أن ندرك أن العدالة الاجتماعية ليست مجرد شعار، بل هي أساس لنجاح أي مجتمع، الوطن الذي يحقق لمواطنيه حياةً كريمةً هو الوطن الذي يضمن استقراره ونموّه على المدى الطويل، نحن بحاجة إلى حكومة تستثمر في الفرد، وتنشئ مشاريع تحقق له العيش الكريم دون الحاجة إلى العمل في وظائف لا تلبي احتياجاته، فنحن في وقت يحتاج فيه المواطن إلى أن يشعر بقيمته ومكانته داخل مجتمعه، وأنه يستحق الأفضل.

الخاتمة
أيها الوطن العزيز، نرفع أصواتنا بدعوة صادقة لحكومة منجزة، حكومة تضع مصلحة المواطن نصب عينيها، وتنظر إلى مشاعره وهمومه وتطلعاته، حكومة توفر للجميع فُرصاً للعمل الذي يليق بهم، والحياة الكريمة، فالوطن الذي يُبنى على أساس العدالة والمساواة، هو وطن سيظل شامخاً، وستظل أجياله القادمة تتحدث بفخر عن إنجازاته.

اللهم كن عوناً لسلطان البلاد المفدى، وارزقه البطانة الصالحة التي تعينه على حمل الأمانة، ووفّق هذا الوطن وأبناءه، وارزقهم بحكومة عادلة، تهتم بصغارهم وكبارهم، وتصنع لهم مستقبلاً أكثر إشراقاً وازدهاراً، تليق بكرامة المواطن وحقّه في العيش الكريم.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights