العيد الوطني: تجديد الولاء لعُمان الحضارة والتقدم
خلف بن سليمان البحري
مع إشراقة الثامن عشر من نوفمبر، تتجدد مشاعر الفخر والاعتزاز بالعيد الوطني المجيد، الذي يمثل تتويجًا لمسيرة طويلة من العطاء والتفاني لوطن عريق، ففي هذا اليوم المجيد، يجتمع أبناء عُمان لاستحضار الإنجازات التي تحققت بفضل حكمة القيادة ووفاء الشعب، إنه ليس مجرد ذكرى، بل لحظة استذكار للتضحيات التي قدمها الأجداد والعمل الذي بذله الآباء، والعزيمة التي يحملها جيل اليوم لمواصلة البناء والنهوض بهذا الوطن العظيم.
منذ بداية النهضة المباركة في عام 1970، بقيادة السلطان قابوس بن سعيد، طيّب الله ثراه، شهدت عُمان تحولًا شاملاً في مختلف المجالات، فقد أرسى السلطان الراحل قواعد دولة حديثة، وركّز على تطوير التعليم، وتعزيز الرعاية الصحية، وتحسين البنية التحتية، مما مكّن السلطنة من الانتقال إلى عصر جديد من التنمية والنمو المستدام، ورغم التحديات التي واجهت البلاد آنذاك إلا أن الرؤية الحكيمة للسلطان الراحل قادت عُمان نحو الازدهار والاستقرار، وساهمت في تعزيز حضورها على الصعيدين الإقليمي والدولي.
كان التعليم محورًا أساسيًا لرؤية السلطان قابوس، إذ أدرك أن بناء الأجيال هو السبيل لتحقيق النهضة الحقيقية، وعلى هذا الأساس، انتشرت المدارس في مختلف أرجاء البلاد، وأُتيح التعليم لكل عماني وعمانية، ليكونا جزءًا فاعلًا في تطوير المجتمع، ولم يكن التعليم وحده المجال الذي حظي بالاهتمام، بل أيضًا القطاع الصحي، حيث جرى تأسيس المستشفيات والمراكز الصحية التي ساهمت في تحسين جودة الحياة، مما يعكس الالتزام بتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين كركيزة أساسية لاستدامة التنمية.
أما اليوم، وفي ظل قيادة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله- فإن عُمان تستمر في مسيرتها بخطى واثقة نحو مستقبل زاهر، وتأتي رؤية عُمان 2040 لتكون الأساس الذي تعتمد عليه الدولة لتحقيق التنوع الاقتصادي، وتطوير التعليم، والابتكار في مختلف القطاعات، هذه الرؤية الطموحة تعكس التزام السلطنة بتوفير حياة كريمة للأجيال القادمة، وتجهيزهم لمواجهة تحديات العصر بمنتهى الكفاءة.
وقد شهدت البلاد تقدمًا ملموسًا في مختلف القطاعات، لا سيما قطاع التعليم الذي يتم تحديثه باستمرار ليلبي متطلبات العصر، وقطاع البنية التحتية الذي شهد طفرة هائلة، وقطاع الاقتصاد الذي أصبح من أكثر القطاعات جذبًا للاستثمارات بفضل سياسات حكيمة تحقق الخير للوطن والمواطن.
إن الشعب العُماني، الذي استلهم عزيمته من تاريخه العريق، قد أثبت على مرّ العصور إرادة لا تلين، وقدرة على مواجهة التحديات، وبفضل الالتفاف حول القيادة الحكيمة، يسير العمانيون بخطى ثابتة نحو تحقيق مستقبل مشرق، حيث يؤمنون بأن كل فرد منهم هو جزء من مسيرة البناء والتنمية، وأن مسؤولية رفعة الوطن تقع على عاتق كل مواطن يحمل حبه للوطن.
ولعل المكانة التي تحظى بها عُمان على الصعيد الدولي تعكس نجاح سياساتها الخارجية التي تقوم على الحياد الإيجابي والتوازن، ما جعلها نموذجًا يحتذى به في نشر قيم التسامح والحوار، وعملت عُمان دائمًا على أن تكون عامل استقرار في المنطقة، من خلال دورها الفاعل في حل العديد من القضايا الإقليمية والدولية بحكمة وإنصاف، ما يعكس قيمها العميقة وسياستها المعتدلة.
وفي هذا اليوم المجيد، يشعر كل عُماني بعظمة الإنجازات التي تحققت، وبالتضحيات التي كانت وراء كل نجاح، إن العيد الوطني مناسبة لإعادة استحضار القيم الوطنية، وتأكيد الالتزام بمواصلة العمل على إعلاء اسم عُمان، فهذه المناسبة لا تقتصر على الاحتفال فقط، بل تذكير بأن مسيرة العطاء لا تتوقف، وأن الحفاظ على المنجزات هو واجب يقع على عاتق كل جيل.
إننا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نرى الطريق واضحًا نحو مستقبل مشرق، حيث نواصل التزامنا جميعًا، أفرادًا ومؤسسات، بدعم مسيرة عُمان نحو التقدم، ودورنا يتجلى في استثمار جهودنا لبناء وطن قوي ومزدهر، حيث يشكل التفاني والإخلاص في العمل أساس استمرارية هذا التقدم.
إن العيد الوطني رسالة للأجيال القادمة بأن بناء الوطن أمانة، وأن مسيرة التنمية مسؤولية جماعية، يحملها كل عماني بفخر واعتزاز، ومع مرور السنوات، تتعاظم مسؤوليتنا في الحفاظ على إرث هذا الوطن، والاستمرار في تحقيق آماله وطموحاته، لتظل عُمان دائمًا رمزًا للحضارة والتقدم.