الأثنين:4 نوفمبر 2024م - العدد رقم 2312
Adsense
مقالات صحفية

الرقصُ لا يبني وطناً

جابر حسين العماني
Jaber.alomani14@gmail.com

أصبح المواطن العربي في بعض الدول العربية والإسلامية، يعاني من الحرمان والفقر والجوع والإذلال، في الوقت الذي فيه يُعلِنُ بعض المسؤولين الكبار عبر وسائل الإعلام المختلفة عن مبالغ مالية طائلة تُقدر بالملايين، تُنفق لجلب المغنيين والمغنيات والراقصين والراقصات في ليالٍ مهرجانية صاخبة بالموسيقى وأدوات الطرب.
ألا ترى عزيزي القارئ الكريم أن هذا الأمر غير عادل وغير منطقي؟
تقع على عاتق أصحاب القرار مسؤولية جسيمة لا بد من تحملها، إذ لا يجوز حرمان المواطن من أبسط حقوقه، والتي من أهمها الحماية الاجتماعية، وتوفير الوظائف، والعدالة والمساواة، والحفظ من الانتهاكات والإساءات، ومنحه التعليم والرعاية الصحية، وحرية التعبير والفكر والعقيدة.

يجب أن يتمتع المواطن العربي بمستوى معيشي لائق بمكانته وتراثه العربي بين الأمم في وطنه، وهذا لا يتحقق إلا بتسخير الإمكانيات والموارد الوطنية لخدمته.

ولتحقيق تلك الحقوق المستحقة للمواطن الكريم، يتطلب من المسؤولين الإخلاص والوفاء للوطن، وعدم إهدار الموارد الوطنية على التفاهات، كإقامة المهرجانات الراقصة والماجنة التي تخلو من الفوائد، والتي قد تجلب البلاء والنقمة من الله تعالى على الوطن والمواطنين، لذا ينبغي تجنب تلك الأخطاء والحذر منها، وكما قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب – عليه السلام- في دعائه الذي علمه لتلميذه الجليل كميل بن زياد – رضوان الله عليه: (اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تَهْتِكُ اَلْعِصَمَ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تُنْزِلُ اَلنِّقَمَ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تُغَيِّرُ اَلنِّعَمَ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تَحْبِسُ اَلدُّعَاءَ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تُنْزِلُ اَلْبَلاَءَ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِيَ اَلذُّنُوبَ اَلَّتِي تَقْطَعُ اَلرَّجَاءَ).

ومن هنا يجب علينا جميعًا أن نركز على خدمة أوطاننا وتقديمها بأحسن ما يكون، والسعي لنجاحها وازدهارها، وذلك لا يكون إلا بالابتعاد عن العادات والتقاليد الدخيلة على مجتمعاتنا والعمل على الحفاظ على هويتنا الوطنية وذلك من خلال:
• أولاً: الإخلاص والوفاء للوطن، والعمل الجاد على ترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيزها بين أبناء الوطن وذلك بغرس محبة الوطن في نفوس المواطنين، وإزالة معكرات صفو العيش الكريم كالطائفية والعرقية والعادات الدخيلة، مما يخلق البيئة الصالحة والموحدة والمستقرة للجميع بعيدًا عن النزاعات والفرقة والتمزق.
• ثانيًا: دعم التعليم، فهو حجر الأساس في ازدهار ونجاح الأمم، وهو أفضل ما يعزز الانتماء للوطن، والسبب في نقل المواطنين من ظلمات الجهل إلى نور العلم والفهم والإدراك الوطني، وصناعة المواطن الصالح، وهو حق عظيم من حقوق المواطن في وطنه.
• ثالثًا: التركيز على إقامة الأنشطة والفعاليات والمبادرات المجتمعية والتطوعية الفاعلة التي من شأنها أن تخدم الوطن، وتعزز من روح الشعور بالمسؤولية لدى الجميع تجاه الوطن، وترك الاهتمام بما يشجع على الفساد والإفساد للمجتمع وأفراده.
• رابعًا: التركيز على أهمية التربية الصالحة والأخلاق الفاضلة المستمدة من القيم والمبادئ العربية والإسلامية الأصيلة، وذلك بتربية الأجيال على حب الخير والأمانة والوفاء والصدق والعمل النزيه في سبيل خدمة أوطانهم، وحمايتها من آفات الفساد والمنكرات.
• خامسًا: دعم الاقتصاد والكفاءات الوطنية المحلية، من خلال تشجيع المنتجات الوطنية المختلفة ودعمها بالشراء، وعدم الاعتماد على المنتجات الخارجية، مما يعزز من القوة الاقتصادية والوطنية للوطن ويجعله قويًا بأبنائه وإمكانياته المختلفة.
• سادسًا: استبدال المهرجانات الغنائية غير اللائقة والتي ليس لها صله بقيمنا الاجتماعية والدينية، بالمهرجانات الإنشادية والوطنية التي تعزز من روح الوطنية والقيم العربية الأصيلة في نفوس أبناء الوطن.
• سابعًا: التصدي للشائعات والأخبار المغلوطة والمضللة، والعمل الجاد على فضحها، فهي أكثر أداة مضرة بالأمن والاستقرار الوطني والاجتماعي في الداخل الاجتماعي.
• ثامنًا: احترام وتطبيق القوانين والالتزام بها، وهو السبيل الوحيد لتنظيم الوطن والمواطنين وحمايتهم من المكاره والمخاطر والفوضى والانفلات الأمني على أرض الوطن.
• تاسعًا: نشر الوعي الاجتماعي بأهمية الأمن والأمان بين أفراد المجتمع الواحد، وذلك أن الاهتمام بالتوعية المجتمعية وإدراك حس المسؤولية يُعتبران الخط الأول لحماية الوطن والمواطنين من شتى أشكال الإهمال والفساد الاجتماعي الذي يروج له بعضهم.
• عاشرا: العمل على توفير السلم الاجتماعي بين أبناء الوطن، وذلك بمحاربة العنف والإرهاب، والغدر، والذعر والخوف، وترسيخ ثقافة الإيمان بالحب والتعاون والألفة بين أبناء الوطن قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}. البقرة آية ٢٠٨

إن الحفاظ على الوطن، والعمل على إعلاء شأنه ومكانته بين الأمم، والاهتمام بالمواطن، وإعطائه حقوقه كاملة غير منقوصة، تعد مسؤولية أساسية على الحكومات العربية والإسلامية، ومن الضروري توفير الحياة الكريمة للمواطن حتى يتمكن من العيش في وطنه بكرامة وسلام.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights