سليمان بن علي الراشدي
البشر كالبحار العميقة يحملون في داخلهم عوالم خفية، قد يبدو لنا ظاهرهم هادئاً أو مضطرباً، ولكن هذا لا يعني أن ما بداخلهم هو ما نراه بالعين المجردة.
تماماً كما لا يمكننا الحكم على البحر من شاطئه، لا يمكننا الحكم على الإنسان من مظهره الخارجي، فكل شخص يحمل في داخله تجارب، ومشاعر، وصراعات لا يدركها إلا هو.
يعيش الكثيرون تحت قناع يحمون به أنفسهم من الأحكام السطحية، ولذا من الضروري أن نتعامل مع الناس بحذر ورحمة، فقد تكون ابتسامة عابرة على وجه أحدهم تخفي خلفها معاناة طويلة، أو تصرف غير مفهوم سببه جرح عميق لا نعرف عنه شيئاً، نحن نرى فقط ما يريدون أن نراه، بينما تختبئ الأعماق خلف هذه الظواهر.
البحار الهادئة قد تخفي تحتها تيارات قوية، وكذلك البشر هناك من يتسم بالصبر والقوة رغم الألم الذي يعصف بداخلهم، وهناك من يظهر القوة ليخفي ضعفه وخوفه من العالم، هذه الحقيقة تجعلنا ندرك أهمية أن نكون متفهمين وحذرين في أحكامنا على الآخرين.
لذلك علينا أن نتذكر دائماً أن الإنسان ليس فقط ما يظهر لنا، نحن لا نعرف ما يجري في أعماقه ولا التجارب التي مر بها، فلنكن رحيمين، صبورين، ونحاول أن نغوص أبعد من الشواطئ قبل أن نحكم البشر، مثل البحار الغامضة التي لا يمكن أن نصل إليها إلا بالصبر والتفهم، والعبرة هنا أن الظاهر قد يكون خادعاً، ولا يمكننا معرفة الحقيقة إلا إذا اقتربنا بعين الرحمة والعقل.
