الباحثون والمسرحون ..
يعقوب بن حميد المقبالي
هناك ركب يسير في سيره ليحقق آماله وتطلعاته، ولكن إلى الآن لن يجد من يأخذ بيده، ويجعله من المنتجين، نعم لا يخفى على الجميع أخذ العدد البسيط، ولكن كلما تأتي سنة كلما زاد العدد، ومع تزايد العدد تحصل هناك فوارق في التطلعات ورسم المستقبل أمامهم.
هناك فئتان في المجتمع..
ما زالوا يناشدون المختصين النظر إليهم بعين البصيرة، حتى يمكنهم التوسم فيهم بمستقبل مشرق لهم وللوطن، ولعلنا جميعا يراودنا الإحساس بأن مستقبل أي أمة في العالم لن يستقيم إلا إذا اهتممنا بالشباب، وخرطناهم في العمل داخل وطنهم؛ ليتضح للمختصين قوة ومكانة الشباب، وهم قد نالوا الثقة ببناء هذا الوطن كلاً في تخصصه واستطاعته؛ وهنا أقصد بالفئتين التي يجب النظر إليهما، ويعول عليهما بمستقبل زاهر (فئة الباحثين)، والفئة الثانية (فئة المسرحين).
وفيما يتعلق بفئة الباحثين عن العمل؛ فالحكومة الرشيدة وفرت لهم الحقوق الوطنية، كالتعليم منذ الحلقة الأولى إلى أن رزقهم الله وتخرجوا بالتعليم العالي، ودفعت لأجل تعليمهم الآلاف من الريالات لأجل أن يرى هذا الوطن جيلا متسلحاً بالعلم والمعرفة، وكذلك هم وضعوا نصب أعينهم أن بعد تخرجهم وكفاحهم خلال مدة دراستهم، سوف ينخرطون في سوق العمل، فيتحملون ما تحمل أسلافهم الذين سبقوهم في أداء الواجب المناط إليهم في بناء مستقبل وطنهم؛ إلا أنهم يتفاجؤون أنهم في كل عام يبقون في منازلهم بلا وظيفة، لتبقى هذه الفئة عالة لأهلها لا يستطيعون تحقيق أمنياتهم، فمن أين لهم أن يحققوا لأنفسهم تتطلعاتهم وهم بلا عمل!
وأما فئة المسرحين من العمل فهي المشكلة الأثقل وزنا؛ حيث إن هذا المسرح كان يعمل بجد واجتهاد في مؤسسته التي يعمل بها، وعُقِد على آماله الكثير من الخطوات، حيث شيد منزل بتمويل بنكي واشترى سيارة، وتزوج وأصبحت معه عائلة، وعاش هو وعائلته، وأصبح مواطناً منتجاً مشارك المجتمع، وبعد فترة من الزمن يتفاجأ أنه مسرح من عمله! فيا له من عجب! ماذا فعل هذا؟ وعندما يتم مناقشة الجهات المختصة في هذا الشأن يجدون أنه بلا فائدة، إلا أن يقال لهم أن الشركة خسرت، أو الشركة انتهى عقدها، أو أن الشركة لم يعد معها عقود عمل…إلخ، فما ذنب هذا المسرح؟ بماذا يقابل أهله؟ بماذا يأكلهم ويشربهم بعد ما كان يلملم أموره، وينعش أهله بما يبقى من الراتب الذي يتقاضاه من تلك الشركة التي قامت بتسريحه؟
كما أن الشركات لها خطوات لإرغام المواطن بما ترغب أن تحققه؛ حيث يُتَفَاوَض مع هذا المسرح إن كنت ترغب العمل معنا فراتبك لا يتعدى ثلاثمائة وخمسة وعشرين ريالاً أو أنك من أعداد المسرحين. هنا السؤال يطرح نفسه؟! إن كان المسرح لديه قروض بنكية وتمويل لأحد المؤسسات ومعه عائلة بمختلف الأعمار وكذلك مكلف بدفع فواتير الكهرباء والماء ومصاريف الاتصال وغيرها من المتطلبات، فمن أين له أن يوفر هذا المال لتغطية ما ذكرته لكم؟
هنا يجب أن تتضافر الجهود من طرف المؤسسات الحكومية وأصحاب صياغة القوانيين في البلد لإيجاد ما يفيد هذا المواطن من الباحثين والمسرحين عن عمل.
كلنا يعلم أن هناك آلاف المؤلفة من الوافدين شاغلين تلك الوظائف؛ فلماذا لا يُسْتَغْنَى عن خدماتهم تدريجيا وإحلالهم بالمواطن، سواء كانوا في المؤسسات الحكومية أو القطاع الخاص؟
ومن خلال ملاحظاتنا لحركة السوق عام ٢٠١١م عندما تفضل جلالة السلطان قابوس رحمة الله عليه، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة؛ حيث أعطى أوامره السامية الكريمة بأن يخلق لهؤلاء المواطنين في القطاعات الثلاثة وظائف، ويتم توظيفهم، ولله الحمد وُظّفُوا وتحسنت الحياة إلى الأفضل، وأصبح الشباب بفضل الله وتوجهات قائدهم – رحمة الله عليه – في نعمة، فمنهم من بنى بيت لإيواء أهله، ومنهم من تزوج، وكذلك انتعش السوق المحلي بمختلف أنواعه، وتحركت المصارف العاملة في البلد، وكل شيء أصبح يقدم له الشكر والعرفان من الذين حالفهم الحظ للانخراط في سلك العمل في القطاعات جميعها.
نأمل وبإذن الله تعالى من المختصين العمل إلى إيصال مطالب هؤلاء الشباب من الباحثين والمسرحين عن العمل إلى المقام السامي لمولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه – ليتكرم بإصدار توجيهاته وأوامره الكريمة لأجل أبنائه وأبناء هذا الوطن المتعطشون للانخراط في ميادين العمل، سواء كان من فئة الباحثين أو المسرحين من أعمالهم، وكلنا على يقين تام بأن جلالة السلطان قتدراً على إيجاد سبل الراحة لأبناء هذا الواطن ليعيشوا معززين مكرمين على أرضهم المعطاء الكريم سلطنة عُمان؛ فجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه- وبفكره الثاقب ورحمة قلبه الذي يرعى شعبه الوفي، وهو يعلم أن الأوطان لن تبنى إلا بسواعد أبنائها، حيث نلاحظ في أثناء اجتماعاته الكريمة بحكومته السديدة تصب في صالح الوطن والمواطنين، ودائما ما يصدر توجهاته لإيجاد سبل الراحة لشعبه ووطنه الغالي سلطنة عُمان.