سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

جرح غائر في الحقيقة

إسماعيل بن مسعود الراشدي
‏@ismail_alrashdi1979

“غزة” ألجمتنا وأصبحت كل أصواتنا نشازا وسط معمعة الأحداث، بل وأضحى بكاؤنا الحقيقي نزيفا داخليا يقتلنا ببطء، فأرواحنا تشوهت، وأحلامنا تبدلت، ومستقبلنا تحول إلى هلام غير مستقر، فقضيتنا تقاوم، ونحن نتفرج، وهذا قاس على كل ذي لب، وذو قلب، فلا الإنسانية، ولا ارتباط الدين، ولا العروبة شفعت أن تنهض لهم الأمم، فماذا بقي بعد؟!

تشظت حياتهم، وأضحوا بقايا إنسان، تغيرت المدينة بل اختفت ملامحها كليا، كانت تشع بالحياة والحركة والأمل، -وفي غمضة عين- استحالت إلى ركام نفيس يحوي كل ذكرياتهم في الطفولة والشباب، واختزلت أمانيهم، وأمنيات كل من كان يقطنها من الشهداء، فكل ركن يحوي قصة مختلفة، وحلم فريد، وطموح متجدد لن يموت، فقد حملها الجيل الحالي الذي عاصر هذه الأهوال، وستحمل شعلتها الأجيال القادمة المتغذية على النار والغضب، والثأر للدين والعرض والأرض لتحقيق التحرير الأخير.

علمنا التاريخ أن سبب انهيار وتلاشي كل الحضارات البائدة يتمثل في الظلم والجبروت والطغيان؛ وذلك يحدث حتما مهما عظم شأنها، ومهما اتسعت بقعتها، ومهما ثبتت أركانها؛ لأنها سنة إلهية تصيب كل مختال فخور.

ولو تأملنا قليلا سنرى أن هذا ما يحدث في وقتنا الراهن، فالدول العظمى تُسْتَدْرج نحو تفكك قريب، وتشرذم أكيد، ولنا في ذلك عبرة ودروس، وأقرب من الرمش للعين ما جرى للحضارة الإسلامية على الرغم من صعودها لسلم العلوم، والحضارة وتمكن علمائنا من إضافة الكثير الإنجازات العلمية والفكرية والإنسانية التي لا ينكرها أشد الطوائف عداء للإسلام، ما لبثت أن تخلفت عن الركب بعد تخلينا عن سر تفوقنا -العروة الوثقى- بمؤشر سقوط الأندلس.

لا ريب أن وجود فلسطين وبقاء بيت المقدس بعيد عن الأيادي النجسة هو مكمن كرامتنا وعزتنا، وأي تنبؤات تقود إلى زوالها هو زوال للأمل، وهذا مستحيل، فالظلم زائل لا محالة، وإن طال أمده، وتطهير الأرض أصبح حقيقة مرهونة بأجل يعلمه الله وحده، وبشروط يفقهها الأحرار فقط.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights