تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

الرجولة والذكورة

أميرة السنطاوي

اختلف الناس في تفسير معناها حسب أهوائهم، لكن أحداً لا يرضى إلا الإتصاف بها.
فكلمة رجل في اللغة العربية تعني الاعتماد على النفس. أما في القرآن الكريم فتعني أولاً الجنس الذكر، وتعني أيضاً الصفة التي يتحلى بها الإنسان الفاضل.
والذكورة تعني مجموعة من الصفات والسلوكيات والأدوار المرتبطة بالفتيان والرجال، فتعتبر الذكورة عموماً بنية اجتماعية وطبيعة بيولوجية.

ومن هنا فالذكورة جزء من الرجولة. وفي هذا المقال سوف نتناول قضية مهمة قد تكون انشغلت عنها معظم المجتمعات، وهي معنى الرجولة، ومدى أهمية النشأة عليها؛ فكم من أمة ارتقت بالرجال وأشباه الرجال؟ وكم من أم وأب ربيا أبناءهما ليصبحوا رجالاً؟
إننا نرى العجيب من أخلاق الناس وطباعهم، ونرى ما لا يخطر لنا على بال، لكننا لا نرى أبداً من يرضى بأن تنفى عنه الرجولة. ورغم اتفاق الجميع على مكانة (الرجولة) إلا أن المسافة بين واقع الناس وبين الصفة ليست مسافة قريبة.

فقد جعلوا الرجولة تارةً صفة الفحولة والذكورة، وتارة للقدرة على الغلبة، وتارة للقدرة على ظلم الغير بغير حق، وتارة صفة على طول الشوارب وضخامة العضلات.

إن الرجال لا يقاسون بضخامة أجسادهم وبهاء صورهم وقوة أجسامهم، بل هم الذين يعلمون أن حال الأمة لا يتم إلا بصلاح الأفراد وإيجاد الرجال.
لقد تحدث القرآن الكريم عن الرجولة حديثاً كريماً أضفى عليها سمات تشي باهتمامه بها واحتفائه بمن يرتقي إلى مراقيها العالية. فالرجولة في القرآن الكريم مسؤولية وتطهر، وفاء وصدق، قوة وتوكل، إيجابية وفاعلية.
ومن ثم فالرجولة في مفهوم القرآن حقيقة لا يستطيع التلبس بها والتحلي بمعانيها إلا الإنسان الفاضل الكريم الذي عرف قيمته في الحياة، ومهمته في الوجود، ومصيره في الأبدية، وبالتالي فهي رؤية تغاير كل ما تعارف عليه الناس وهم بعيدون عن منهج هذا الدين وحقائقه في الحياة.

ولتناول الصفة التي تكاد تنعدم أو ضعيفة في الوقت الحالي في أغلب الرجال إلا من رحم ربي وهي “الصدق” في القول والفعل، فكان قوله سبحانه وتعالى واضح تمام الوضوح في تلك الصفة عندما قال {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً}، الآية 23 من سورة الأحزاب.

فالآية الكريمة تنبه على خُلق الصدق الخالص في القول والفعل، فالرجل الفاضل هو الصادق الذي يفي بوعده مهما كلفه ذلك؛ لأن خُلق الصدق دليل على قيمة العقيدة التي يعتقدها هذا الإنسان، ومن ثم يكون الصدق هو سمة شخصية تفكيراً وشعوراً وسلوكاً.
وبناء على هذا، يجب معرفة أن من لا يتصف بالصدق في القول والفعل لا يُعدّ من الرجال لأنها كلمة أسمى بكثير.

ومن هنا تبرز أهمية التربية والحمل الذي يقع على كاهل الأم والأب، وإن كانت الأم تحمل العبء الأكبر؛ فيجب أن يغرز في نفوس أبنائهما قيم الرجولة وصفاتها والتحلي بها، وأن يكونا قدوة حسنة للأولاد في كل شيء، فكيف نربي أبناءنا على صفة ليست فينا؛ فيجب على الأب والأم أن يكونا صادقين في الفعل والقول مع الأبناء ومع الآخرين، ومعرفتهما الجيدة لقيمة ومعنى الرجولة كي ننشئ أجيالاً قادرة على الارتقاء بالمجتمع، والاعتماد على الذات، وتحمل المسؤولية، وهذا أبسط ما نستطيع تقديمه من واجبات تجاه أولادنا والعقيدة الإسلامية وأيضاً الوطن.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights