تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

ميلادُ الأمة والرحمة

ثريا بنت علي الربيعية

يحتفلُ المسلمون في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام بذكرى عظيمة بهيجة تتجلى فيها مظاهر المحبة والتقدير لمكانة الرسول الكريم-ﷺ- والتذكير بمولده الشريف ورسالته الخالدة التي نهتدي بها عبر الأزمان، وتعود علينا الذكرى العطرة للميلاد النبوي الشريف هذا العام لتُجدد مشاعر الولاء والاعتزاز بالدين الإسلامي في نفوس المسلمين، وبطبيعة الحال فهي تشحذ الهمم للثبات في زمن الفتن على مبادئ النهج القويم بالتمسك بمبادئ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، التي بعث بها الرسول- ﷺ- هداية ورحمة للعالمين؛ فقال الله عزّ وجل في كتابه المبين: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)[الأنبياء: ١٠٧]؛ فكان من رحمة الله عزّ وجل أنْ زين الله عزّ وجل محمد-ﷺ- بزينة الرحمة، فكان مولده رحمة، وجميع شمائله وصفاته رحمة على الخلق، لذا تمثل البعثة المحمدية بؤرة انطلاقة للخيرية والسلام لهذه الأمة بل هي من أعظم النعم التي تفضّل الله تعالى بها على عباده؛ إذ أخرجهم من ضلال الجاهلية وأدران الشرك إلى عدل الإسلام وسماحته.

لاريب إنّ المولد النبوي يعدُ أعظم تغيير مرت به الإنسانية؛ فلم يكن ميلاد فرد إنما ابتدأ به ميلاد الأمة والرحمة، فضلا عن ذلك كان إيذاناً ببدء عهدٍ جديدٍ، وتمهيداً لنزول الرسالة السماوية الخاتمة للرسالات السابقة إلى الناس كافًة، ليمحو الله تعالى بنور الإسلام الخالد ما كان عليه الناس من باطل وطغيان، ويثبت بها أركان الشرع المستقيم الذي تميزت به هذه الأمة، وعليه استطاعت أن تدرك سبيل العزة ومراتب القوة عبر التاريخ.

في حقيقة الأمر بلغت الشخصية النبوية أسمى مراتب الإنسانية وأعلى درجات الكمال البشري؛ فكانت شخصيته ترجمة عملية لمبادئ الدين القويم، وقد عبّرت السيدة عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- حين سُألت عن أخلاق النبي-ﷺ – قَالَتْ : (كَانَ خُلُقُ نَبِيِّ اللَّه- ﷺ – الْقُرْآنَ)رواهُ مُسْلِم.

حتمًا كانت شخصية النبي-ﷺ-أنموذجًا مثاليًا في كل جوانب الإنسانية؛ فهو ترجمة عملية لمبادئ القرآن الكريم الذي نزل عليه، فكان أحلم الناس وأشجعهم، و أعدل الناس وأكثرهم توددًا ورفقًا بصحابته، وكان أسخى الناس وأجودهم فلا يبيت عنده دينار ولا درهم، وإن تحدثنا عن الصفات النبوية والشمائل المحمدية لن تسع الصفحات والمجلدات في استيعاب جلال قدره، بيدّ أن استذكار سيرته العطرة يعطي للروح طاقة إيجابية في بذل كل ثمين من أجل مبادئ الدين، أضف إلى ذلك الهمة الفكرية المتوقدة التي تحيط بالمسلم عند قراءته لشذرات من سيرة المصطفى والوقوف على أبعادها، وهذا يؤكد لنا البعد التربوي في هذه المناسبة، فإن غرس محبة الرسول العظيم في نفوس الناشئة الصغار من أولى واجبات التربية والتعليم.

في واقع الأمر ندرك دور المربين في تعميق الأثر الطيب لسرد قصص السيرة النبوية، وترسيخ الدروس والعبر في قلوب الناشئة الصغار؛ بالعمل على تعليمهم هديه، والاقتداء بخلقه قولًا وفعلًا، وفي هذا المقام نستحضر قول شاعر الرسول حسان بن ثابت في المدائح النبوية: أغَرُّ عَلَيْهِ للنبوةِ خاتم،، مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ،، وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ،، وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليجلهُ فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمدٌ.

وجملة القول: أن ذكرى مولده-ﷺ- سيظلُ يومًا شاهدًا على أعظم ذكرى تمر على تاريخ الأمة الإسلامية، فله المحابرُ تسيل شوقًا، وتهفو النفوسُ حنينًا إليه والصلاة عليه، وإذ ندعو الله تعالى أن يبلغنا محبته وطاعته، والسير على خطاه، والاهتداء بنهجه، فمن سار على طريق النبوة فاز ونجا.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights