تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

النضج الوظيفي

د. سعود ساطي السويهري
أخصائي أول نفسي

نعيش الآن في عالَمِ الإبداع والابتكار والتطور، ويتسم هذا العالَم بالتغيرات السريعة والمملوءة بالتحديات المعقدة، وهو ما يتطلب المواكبة على كافة المستويات الوظيفية، وفي ظل التنافسية الشديدة في العديد من المجالات والوظائف، وبالرغم من التقدم التكنولوجي وسيطرة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وغيره من المفاهيم التي طرحت نفسها بقوة على الساحة العالمية في الوقت الحالي؛ كان لزاما على الأفراد أن يرتقوا بمستوياتهم ومهاراتهم الوظيفية لأعلى المستويات؛ من خلال إكتسابهم المهارات الفكرية والنفسية والسلوكية والتِقَنية..

وجميع المجالات الآن تضع متطلبات للارتقاء بمعايير الاختيار الوظيفي؛ من أجل ضمان وجود خبرات تحقق الإنتاجية التنافسية المطلوبة؛ من هنا كان لزاما على الموظف العمل على تحقيق النضج الوظيفي المطلوب، ولا يتم تحقيق هذا النضج إلا بوجود حالة من التكيف والتوافق واكتمال الوظائف النفسية والعقلية والجسدية والمهنية والاجتماعية وغيرها، فالنضج الوظيفي أحد السبل الفعالة في تنمية القدرات والمهارات؛ بما يحقق التمكين النفسي والوظيفي واتخاذ القرارات المنطقية خلال الأعمال المختلفة، وبهذا يمكن القول بأن النضج الوظيفي عبارة عن مرحلة متى وصل لها الموظف في تخصصه؛ فإنه يمكنه أداء مهامه الوظيفية بفعالية دون الرجوع لأحد، وكلما ارتفع مستوى النضج كلما ازدادت القدرة على تفعيل الأداء الأمثل.

ومن الضرورة بمكان الإشارة إلى السلامة النفسية في العمل كأحد عوامل تحقيق النضج الوظيفي، إذ لا يستطيع كائن من كان أن ينضج وظيفيا لو لم تتوافر لديه عوامل السلامة النفسية، فعمل الموظف تحت ضغوطات وصعوبات لا يمكّنه أبدا من تحقيق المستوى الوظيفي المطلوب؛ ولهذا تضمن الأدبيات النفسية تحقيق الإنتاجية المطلوبة، والنضج الوظيفي إذا تواجدت له عوامل الحفاظ على صحة الموظفين العقلية والنفسية، وتوفير البيئة الآمنة في العمل بما يسهم في تحقيق الأداء الأمثل، وقد توصلت بعض الدراسات النفسية إلى وجود علاقة بين النضج الوظيفي والانفعالي والكفاءه الذاتية، ولا يتأتى ذلك بدون وجود عوامل نفسية واجتماعية تساعد على التحديات بقدرة وفعالية، والبحث عن التطور المستمر طالما هناك مرونة نفسية وقابلية للتغيير وتفكير إيجابي؛ مما ينتج عنه الخبرة المطلوبة.

كما أن النضج الوظيفي يتوقف بالضرورة على المعرفة بصورها المختلفة، والتي من أهمها الوعي الذاتي بالمهام والمسؤوليات الوظيفية والإدارية والقيادية، ويتم ذلك في صورة سلوكيات وأداءات تنم عن شخصية واعية لها من القدرة على تحليل العلاقات بين الأشياء وتحليل الأمور، وتفهم المواقف وحل الصراعات وتقدير العلاقات، واكتساب العديد من المهارات كمهارات التفاوض؛ بما يدل على النضج الدال على النمو الداخلي الذي ينعكس على النمو والتطور الخارجي.

وهنا يمكن تحديد عدد من المتغيرات المؤثرة في النضج الوظيفي نلخصها كالتالي:
1- المتغيرات النفسية والشخصية:
وهي قدرة الموظف على التحمل والمثابرة والمرونة وتحديد عوامل النجاح والفشل، والتطلع للأفضل.
2- المتغيرات البيولوجية:
قدرة الموظف على توظيف الذكاءات المتعددة في العمل، وخصوصا الذكاء الشخصي والانفعالي والاجتماعي، وتوظيف ما لديه من ذكاء عام في سبيل تطوره..
3- المتغيرات الاجتماعية:
قدرة الموظف على المسايرة والمغايرة والتعاملات الإيجابية والعلاقات البينشخصية، والعلاقات العامة التي تسعى لبناء صورة إيجابية عن المؤسسة.
4- المتغيرات التكنولوجية:
قدرة الموظف على استخدام التقنيات التكنولوجية المعلوماتية وتطبيقها في نطاق التخصص؛ بما يحقق الجودة المطلوبة.
5- المتغيرات الإدارية:
وهي قدرة الموظف على التعامل مع الرؤساء والقادة، والحفاظ على علاقته بهم في نطاق الإيجابية داخل المنشأة أو المؤسسة أو خارجها، وتقديم الأعمال والمهام على أكمل وجه.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights