تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

من خواطر الأفكار ..

 

ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

أشرعة الليل تبحر مسرعةً كالخيل وتنتشر كانتشار السيل، والويل كل الويل لمن يعترض طريقها، حينما تنطلق الأفكار تخترق الحدود لأبعد نقطة يمكنها الوصول إليها، فإما أن تمكث وتستقر وإما أن تقفل راجعةً كالأماني الخيالية والأحلام الوردية، ورُب فكرة حلت أزمة. بعض الأفكار تأتي متأخرة ولكنها تنقذ أمة وبعضها الآخر منها ضربٌ من الجنون وكأنها أتت من عالم المستحيل!

الأمر يحتاج لشىءٍ من الوضوح والشفافية. إن العبث بمشاعر البشر جرم خطير وشرٌ مستطير قد تكون عواقبه وخيمة، لا تؤمل أحدًا بشىءٍ ما ولا تعده بوعدٍ لا يمكنك الوفاء به؛ فالثقة هي جسر الترابط الوثيق، فإذا تزعزع هذا الجسر انعدمت الثقة وانهدمت العلاقة وتبددت؛ لذا إذا انقطع حبل الوصل، حاول أن لا تخسر أحدًا مهما حدث إلا إن كان ذلك ليس بيدك؛ فالبشر معادن، ومن يتبين لك معدنه منذ البداية؛ فذلك أمرٌ حسنٌ وفي صالحك أنت، أما من يكون معك وقد قضيت معه فترة طويلة ثم تتفاجأْ بتخليه عنك أو عدم وقوفه إلى جانبك وأنت في أمس الحاجة إليه، سينتابك شعور بالإحباط وسيقول لك إنسَ الأمر وكأن شيئًا لم يكن. تحمل قليلًا بإمكاني مساعدتك لاحقًا. اصبر هذه الفترة قليلًا، بعد ذلك تكون الأمور على مايرام.

وابلٌ من الأعذار دون سماع أدنى كلمة منك لمراعاة شعورك، وقد ينسف بعض العلاقات. موقفٌ واحد يؤثر ذلك الموقف على من أصيب به ووقع فيه.

هكذا هي العلاقات اليومية في حياتنا؛ فالواجب هو سماع بوح الآخرين وإتاحة الوقت الكافي لسماعهم خير من مقاطعتهم بموجة من الأعذار التي لا تسمن ولا تغني.

إن مراعاة شعور الآخرين وسماعهم حقٌ من حقوقهم. عجبًا لبعض البشر الذين يملون على غيرهم ما يفعلون وإذا تكلم الطرف الآخر لا يسمعون له، بل ولا تحدثهم أنفسهم أصلًا بسماعه، فكيف تكون هذه العلاقة، وكيف تستمر وإن صبر الطرف الآخر سيأتي الوقت وقد تراكمت عليه المواقف فلا يستطيع أحدٌ تهدأته بعد ذلك وإقناعه؟! فقد استهلك كل وقته واستنفد جميع طاقته.

أرأيت إن كان لديك حبل تستخدمه أيستمر معك طول العمر؟ لا بد له أن ينبتل يومًا ما، هكذا هي علاقاتنا مع الآخرين. إن قبول الأعذار صفة حميدة، وثقافة الإعتذار ثقافة راقية، وهي لا تدل على الضعف كما يظن بعضهم، ولكنها شجاعة وحسم. شرطها الصدق والشفافية؛ فالمرء لا يكون طيبًا إلى حد الخداع والسذاجة؛ فليتفقد الواحد منا أحبته، وليحتويهم بسعة صدره ويشملهم بقربه ووده، وكما ترون قوافل الموتى تغادر قافلة إثر أخرى، وقد تطول بنا هذه الأسفار، والواحد منا لا يضمن وجهته، أيساق إلى الجنة أم إلى النار، وهل ستميل به الكفة مع الأخيار، أم سيجرفه التيار نحو مواطن الأشرار؟

هذا ما نضح بي فكري في هذا المقال، ولعمري إنها لمن خواطر الأفكار.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights